تضييعه، بل تولى حفظه جلّ وعلا بنفسه الكريمة المقدسة، كما أوضحه بقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [1]، وقوله: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} الآية[2]، إلى غير ذلك من الآيات"[3].
وأختم هذا الفصل بهذه الكلمة الجامعة للشيخ الأمين –رحمه الله- عن القرآن الكريم؛ حيث يقول عند تفسير قوله تعالى: {َهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [4]: "فهذا القرآن كله بركات وخيرات؛ لأن الله قال: إنه مبارك، والمبارك كثير البركات؛ لأن فيه خير الدنيا والآخرة، يعتقد الإنسان عقائده، ويحل حلاله، ويحرم حرامه، ويتأدب بآدابه، ويعتبر بأمثاله وقصصه، فيكون على أكمل حال في الدنيا والآخرة، فهو فيه البركات والخيرات لمن وفقه الله للعمل به جل وعلا، ولذا بينا مراراً أنه أعظم نعمة أنزلها الله على خلقه، ولذا علمهم أن يحمدوه على هذه النعمة والبركات في هذا القرآن العظيم: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} [5]، وبين إيراثه علامة الاصطفاء، وبين أن ذلك فضل كبير من الله، حيث قال في فاطر: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [6]؛ فبين أن إيراث هذا الكتاب لا يكون إلا لمن اصطفاه الله. ثم قال في معرض التنويه به: {ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [7]؛ أي إيراثنا الكتاب إياهم غننبيهم هو الفضل من الله الكبير عليهم، كما قال هنا: أنه مبارك. وقوله: {مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} [8]؛ معناه أن القرآن العظيم مصدق للكتب السماوية التي قبله، وتصديقه لها من جهات متعددة، منها: أنه لا يخالفها، وأن [1] سورة الحجر، الآية [9] . [2] سورة فصلت، الآية [42] . [3] أضواء البيان 2/100-101. [4] سورة الأنعام، الآية [92] . [5] سورة الكهف، الآية [1] . [6] سورة فاطر، الآية [32] . [7] سورة فاطر، الآية [32] . [8] سورة الأنعام، الآية [92] .