وإلى سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ونحن إذا رجعنا لكتاب الله لم نجد لهذه المسألة أصلا يعتمد عليه، وبتتبع سيرته وسنته - صلى الله عليه وسلم - لم ينقل لنا أنه أمر بالاحتفال بمولده، أو أنه احتفل - صلى الله عليه وسلم - بمولده، أو أن أحدا احتفل بمولده في عهده - صلى الله عليه وسلم - فأقره، مع أنه - صلى الله عليه وسلم - قد عاش ثلاثا وستين سنة، وقد صحبه وآمن به رجال هم أشد الناس محبة له وتوقيرا وتعظيما وفهما لمراد الله والرسول، بل بذلوا أرواحهم دفاعا عنه - صلى الله عليه وسلم - وذبا عن دينه - صلى الله عليه وسلم -، وحرصوا على متابعته في كل صغيرة وكبيرة، ونقلوا لنا سنته - صلى الله عليه وسلم - ولم يخلوا بشيء منها، حتى نقلوا لنا اضطراب لحيته في الصلاة إذا استفتح، فلا يمكن أن يكون الاحتفال بالمولد قد عمل في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينقل مع تعاقب السنين وتوافر الهمم والدواعي لنقله.
ثم نظرنا أفضل القرون بعده - صلى الله عليه وسلم - وأحب الناس إليه وهم أصحابه، فلم ينقل عنهم ناقل أنهم احتفلوا بمولده - صلى الله عليه وسلم - لا أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، ولا عمر الفاروق