الجهم حجة مثل هذه الحجة، فقال للسمني: ألست تزعم أن فيك روحا؟ فقال: نعم، فقال: هل رأيت روحك؟ قال: لا، قال: فسمعت كلامه؟ قال: لا، قال: فوجدت له حسا أو مجسا؟ قال: لا، قال: فكذلك الله: لا يرى له وجه، ولا يسمع له صوت، ولم يشم له رائحة، وهو غائب عن الأبصار، ولا يكون في مكان دون مكان، ووجد ثلاث آيات من المتشابه، قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [1]، {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} [2] {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَار} [3] فبنى أصل كلامه على هذه الآيات، وتأول القرآن على غير تأويله، وكذب بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وزعم أن من وصف الله بشيء بما وصف به نفسه في كتابه، أو حدث عنه رسوله، كان كافرا، وكان من المشبهة، فأضل بكلامه بشرا كثيرا، وتبعه على قوله رجال من أصحاب أبي حنيفة[4]، وأصحاب عمروبن عبيد5 [1] الآية 11 من سورة الشورى. [2] الآية 3 من سورة الأنعام. [3] الآية 103 من سورة الأنعام. [4] هو الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله تعالى، أحد الأئمة الأربعة، ولد سنة 80هـ، وتوفي سنة 150 هـ، رأى أنس بن مالك رضي الله عنه. وكان إماما ورعا عالما عملا متعبدا كبير الشأو.
انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي 1/167، والأعلام للزركلي 9/4.
5 هو عمرو بن عبيد بن باب التيمي بالولاء أبو عثمان البصري شيخ المعتزلة في عصره، ولد سنة 80هـ، وتوفي سنة 144هـ.
انظر: كتاب الأعلام للزركلي 5/252.