وقد شرع الصوفية لأنفسهم من الدين ما لم يأذن به الله، فانحرفوا عن المنهج الإسلامي القائم على الاعتدال، والبعد عن الغلو والتطرف، حيث لم يجدوا فيه ما يوافق أهواءهم المنحرفة، وأذواقهم الفاسدة، وأفهامهم المعوجة، فاتخذوا لأنفسهم سبيلا جمعوا فيه خليطا من الديانات اليهودية والنصرانية والمجوسية، وغير ذلك مما دخل على المسلمين من الدخائل والعقائد الباطلة، وادعوا لأنفسهم أحوالا، وأذواقا ومواجد لم يعرفها الدين، ولا اتباع الأنبياء والمرسلين، وفتحوا على الإسلام والمسلمين باب شر دخلت منه عظائم الفتن، وكبرى المحن، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل، فكان كثير منهم ممن يصدق عليهم قوله الحق تبارك وتعالى: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [1] وقوله جل شأنه: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ، وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [2].
وتمادوا في غيهم وضلالهم فقالوا بالحلول وأن الله تعالى حال في كل شيء وقالوا بوحدة الوجود وأنه لا موجود إلا الله فيرون أن وجود الكائنات هو عين وجود الله تبارك وتعالى، وليس وجودها غيره ولا سواه البتة. [1] الآية 30 من سورة الأعراف. [2] الآية 37 من سورة الزخرف.