عندهم مراتب أدناها ما يسمونه توحيد العامة، وهو الشهادة بأن لا إله إلا الله، وأعلاها ما يسمونه: الفناء في التوحيد وهو: أن لا يرى في الوجود إلا واحدا، وهو عندهم الغاية التي لا غاية وراءها[1].
قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى: "و (الفناء) الذي يشير إليه القوم ويعملون عليه: أن تذهب المحدثات في شهود العبد، وتغيب في أفق العدم، كما كانت قبل أن توجد، ويبقى الحق تعالى كما لم يزل، ثم تغيب صورة المشاهد ورسمه أيضا، فلا يبقى له صورة ولا رسم، ثم يغيب شهوده أيضا، فلا يبقى له شهود، ويصير الحق هو الذي يشاهد نفسه بنفسه، كما كان الأمر قبل إيجاد المكونات، وحقيقته: أن يفني من لم يكن، ويبقى من لم يزل"[2].
وقد قسم الغزالي التوحيد عند الصوفية إلى أربع مراتب:
"الأولى: أن يقول الإنسان بلسانه: لا إله إلا الله.
الثانية: أن يصدق بمعنى اللفظ بقلبه، كما صدق به عموم المسلمين، وهو اعتقاد العوام.
الثالثة: أن يشاهد بطريق الكشف بواسطة نور الحق، وهو مقام المقربين.
الرابعة: أن لا يرى في الوجود إلا واحدا، فلا يرى نفسه أيضا، وهو مشاهدة الصديقين، كما تسميه الصوفية، لأنه من حيث أنه لا يرى إلا واحدا، فلا يرى نفسه أيضا "[3]. [1] انظر فتح الباري لابن حجر 13/348، والفتاوى لابن تيمية 3/101، 102. [2] ابن قيم الجوزية – مدارج السالكين 1/148. [3] انظر الإحياء للغزالي 4/245 وما بعدها.