ويأتي بكل لفظ غريب، ومعنى أغرب من اللفظ، فإذا وصلت لم تجد معك حاصلا طائلا، ولكن تسمع جعجعة ولا ترى طحنا، فالمتكلمون في جعاجع الجواهر والأعراض والأكوان والألوان، والجوهر والفرد، والأحوال والحركة والسكون، والوجود والماهية والانحياز والجهات والنسب والإضافات والغيرين والخلافين، والضدين والنقيضين، والتماثل والاختلاف، والعرض وهل يبقى زمانين وما هو الزمان والمكان؟ ويموت أحدهم ولم يعرف الزمان والمكان، ويعترف بأنه لم يعرف الوجود هل هو ماهية الشيء، أو زائد عليها؟ ويعترف أنه شاك في وجود الرب، هل هو وجود، أو وجود مقارن للماهية، ويقول: الحق عندي الوقف في هذه المسألة، ويقول أفضلهم - عن نفسه - عند الموت: أخرج من الدنيا وما عرفت إلا مسألة واحدة، وهي أن الممكن يفتقر إلى واجب، ثم قال: الافتقار أمر عرضي، فأموت ولم أعرف شيئا، وهذا أكثر من أن يذكر، كما قال بعض السلف: أكثر الناس شكا عند الموت: أرباب الكلام"[1].
وكما قال عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "انقسموا إلى أصحاب نظر وفكر وبحث واستدلال، وأصحاب إرادة وعبادة وتأله وزهد، وفكان منتهى أولئك الشك، ومنتهى هؤلاء الشطح، فأولئك يشكون في ثبوت واجب الوجود، أو يعجزون عن إقامة الدليل عليه، إلى أن قال: ... والآخرون يجعلون كل موجود واجب الوجود، ويجعلون [1] ابن قيم الجوزية – مدارج السالكين 3/437.