نام کتاب : حوار هادئ مع الغزالي نویسنده : سلمان العودة جلد : 1 صفحه : 16
كل ذلك -وغيره- نجد ثمت شطحات بدعوى العقلانية، وهي عقلانية فرد واحد إن قبلها عشرة فقد يرفضها مائة، وإن جاز لنا تحكيم العقل هنا فأي عقل؟ عقلي أو عقلك أو عقل الغزالي؟ ولذا سنجد -تفصيلاً- أن ثمة مسائل عديدة استساغها الغزالي -عقلاً- ونقضها غيره بالحجة العقلية؟ ولذا حُفِظَ عن بعض السلف (من جعل دينه عرضة للخصومات أكثر التنقل) أو (كلما جاءنا رجل هو أجدل من رجل تركنا ديننا لقول فلان؟) .
كما أنه يمكن القول بأن هذه (الجزئيات) الكثيرة التي حوكمت -عقلاً- عند الغزالي لا يمكن أن تسبك في منظومة منهجية، بل هي (متفرفات) لا يحكمها حاكم، ولا يجمع شتاتها جامع.
ثانياً: التأويل.
نظراً لهذا الموقع الذي يحتله العقل عند الشيخ، وهو -إجمالاً- أقل من موقع العقل عند أصحاب المدرسة العقلية -فيما يبدو- فإن الشيخ يظهر غالباً وكأنه أقل إسرافاً في التأويل من بقية العقلانيين، سواء في نصوص العقيدة أو في نصوص الأحكام، فهو -مثلاً- في كتاب "عقيدة المسلم" ص45 ذكر ما ورد في الوحي من إثبات الوجه لله واليدين والأعين والاستواء على العرش والنزول إلى السماء والقرب من العباد، وانتقد أصحاب المسالك الكلامية من أمثال ذلك الرجل الذي يقول:
نهاية إقدام العقول عقال ... وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا ... وغاية دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من كدنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
وكم من جبال قد علا شرفاتها ... رجال فبادوا والجبال جبال
ويقول الشيخ: (وعلى ذلك فكل ما قطعنا بثبوته في كتاب الله أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم مما وصف الله به نفسه وأسنده إلى ذاته قبلناه على العين والرأس ولا نتعسف له تأويلاً ... إلخ) .
وفي (ص47) من الكتاب نفسه يقول: (وأنا شخصياً أوثر مذهب السلف وأرفض أن يشتغل العقل الإسلامي بالبحث المضني فيما وراء المدة وأرتضي قبول الآيات والأحاديث التي تضمنت أوصافاً لله جل شأنه دون تأويل) .
نام کتاب : حوار هادئ مع الغزالي نویسنده : سلمان العودة جلد : 1 صفحه : 16