نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج جلد : 1 صفحه : 128
وقد دل على ذلك تشريفه لآدم عليه السلام حيث خلقه بيده، وتقريعه لإبليس على الاستكبار عن السجود مع ما شرفه به بقوله: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [1].
الإجماع الثامن
وأجمعوا على أنه عز وجل يجيء يوم القيامة والملك صفاً صفاً لعرض الأمم وحسابها وعقابها وثوابها، فيغفر لمن يشاء من المذنبين، ويعذب منهم من يشاء كما قال، وليس مجيئه حركة ولا زوالاً، وإنما يكون المجيء حركة وزوالاً إذا كان الجائي جسماً أو جوهراً، فإذا ثبت أنه عز وجل ليس بجسم ولا جوهر لم يجب أن يكون مجيئه نقلة أو حركة[2]، ألا ترى [1] سورة ص آية: (75) .
استدل الأشعري بهذه الآية أيضاً على إثبات صفة اليد لله عز وجل وقد ذكر الاستدلال منها كما ترى.
وقال الآجري: "ويقال للجهمي الذي ينكر أن الله عز وجل خلق آدم بيده كفرت بالقرآن ورددت السنة، وخالفت الأمة". (انظر كتابه الشريعة ص323) .
ومجيء الآية على هذا التركيب يدل دلالة قاطعة على ثبوت هذه الصفة وبطلان ما ذهب إليه أهل التأويل فيها، وفي ذلك يقول ابن القيم: "إن هذا التركيب المذكور في قوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} يأبى حمل الكلام على القدرة؛ لأنه نسب الخلق إلى نفسه سبحانه، ثم عدى الفعل إلى اليد، ثم ثناها، ثم أدخل عليها الباء التي تدخل على قولك "كتبت بالقلم"، ومثل هذا نص صريح لا يحتمل المجاز". (انظر الصواعق المرسلة 2/157) .
ومما يؤيد ثبوت هذه الصفة لله كغيرها من الصفات اطراد لفظها في موارد الاستعمال وتنوعه، وتأمل في ذلك في الآيات التي جاء فيها ذكر اليد لله، وكذلك في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث ذكر أن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين، وكذلك الأحاديث التي جاء فيها الهز والقبض وأخذ الذرية من ظهر آدم وما إلى ذلك. (انظر ما أحلناك عليه سابقاً في كتاب التوحيد لابن خزيمة والأسماء والصفات للبيهقي والصواعق لابن القيم) .
وقال ابن حجر: "لو كانت اليد بمعنى القدرة، لم يكن بين آدم وإبليس فرق لتشاركهما فيما خلق كل منهما به وهي قدرته، ولقال إبليس: وأي فضيلة له علي، وأنا خلقتني بقدرتك كما خلقته بقدرتك، فلما قال {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} دل على اختصاص آدم بأن الله خلقه بيديه، ولا جائز أن يراد باليدين النعمتان؛ لاستحالة خلق المخلوق بمخلوق، لأن النعم مخلوقة". (انظر فتح الباري 13/294) .
وقال ابن التين في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وبيده الأخرى الميزان" يدفع تأويل اليد هنا بمعنى القدرة، وكذا قوله في حديث ابن عباس: "أول ما خلق الله القلم، فأخذه بيمينه وكلتا يديه يمين". (المرجع السابق، نفس الصفحة) .
ولقد بوب البخاري في الصحيح لهذه الآية في كتاب التوحيد باب 19 وذكر تحتها ستة أحاديث لا تحتمل تأويلاً على الإطلاق. [2] سبق القول أن إطلاق مثل هذه الألفاظ على الله عز وجل لا يجوز نفياً أو إثباتاً. (انظر ما تقدم ص226- 227) .
نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج جلد : 1 صفحه : 128