responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج    جلد : 1  صفحه : 129
أنهم لا يريدون بقولهم: جاءت زيداً الحمى أنها تنقلت إليه، أو تحركت من مكان كانت فيه إذ لم تكن جسماً ولا جوهراً، وإنما مجيئها إليه وجودها به[1].
وأنه عز وجل ينزل إلى السماء[2] الدنيا كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس نزوله نقله، لأنه ليس بجسم ولا جوهر، وقد نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم عند من خالفنا[3].

[1] ينص الأشعري في هذا الإجماع على إثبات صفة المجيء لله سبحانه وتعالى كما نطق بذلك القرآن الكريم في أكثر من موضع، وصح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث أبي هريرة: "إذا كان يوم القيامة نزل الرب إلى العباد" أخرجه الحاكم في المستدرك 1/481 وصححه ووافقه الذهبي، وأخرجه أيضاً في العلو. (انظر مختصر العلو ص110) .
وفي حديث الرؤية الطويل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفونه…" أخرجه البخاري في كتاب التوحيد باب 24 ج8/79، وكتاب الرقاق باب 52 ج7/205، ومسلم في كتاب الإيمان باب 81 ج1/163.
وقال الحافظ أبو نعيم وهو يذكر ما أجمع عليه السلف: "… وأنه تعالى وتقدس يجيء يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده والملائكة صفاً صفاً كما قال تعالى {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} (انظر الفتوى الحموية الكبرى لابن تيمية ص35، 36) .
كما تعرض ابن القيم لهذه الصفة، وأبطل تأويل المعطلة لها من عشرة أوجه أذكر منها: أن عطف مجيء الملك في الآية على مجيء الله سبحانه وتعالى يدل على تغاير المجيئين، وأن مجيئه سبحانه حقيقة كما أن مجيء الملك حقيقة، وهكذا الأمر في قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} حيث فرق سبحانه بين إتيان الملائكة، وإتيانه، وإتيان بعض الآيات، فقسم ونوع، ومع هذا التقسيم يمتنع أن يكون القسمان واحداً. انظر مختصر الصواعق 2/106- 108) .
وذكر الأشعري هنا أن مجيء الله ليس كمجيء البشر، بمعنى أنه لا يترتب عليه ما يترتب على مجيء البشر، لأنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، أما ما ذكره من كون مجيئه ليس حركة ولا انتقالاً، فهذا شيء لم يتكلم السلف فيه، ولم يوردوه في كتبهم؛ لأن الأصل الذي اعتمدوا عليه في ذلك - وهو إثبات الصفات دون تكييف - رفع عنهم البحث في ذلك. (انظر ما سبق ذكره في التعليق على الإجماع الثاني) .
ويقول الهراس وهو يعرض لمسألة نزول الرب عند ابن تيمية - أن ابن تيمية يؤمن بنزول الرب حقيقة من على العرش، ثم يطرح سؤالاً موجهاً إلى كلام ابن تيمية: هل يجوز عليه الحركة والانتقال؟، ثم يجيب قائلاً: "لم أجد لابن تيمية نصاً يفيد هذا، بل مذهبه الصريح الذي يذكره في عامة كتبه أن الله فوق سماواته على عرشه بائن عن خلقه، وأنه لا يحصره ولا يحيط به شيء من مخلوقاته، كما أنه لا يحل في شيء منها". (انظر كتابه ابن تيمية السلفي ص156) .
وما يقال في النزول يقال في المجيء، فالكل من باب واحد، وسيأتي الكلام على صفة النزول.
[2] في (ت) : "سماء" بدون أل.
[3] ذهب أهل السنة والجماعة إلى ما ذكره الأشعري من أن الله ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا لثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن خزيمة: "باب ذكر أخبار ثابتة السند صحيحة القوام رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب جل وعلا إلى سماء الدنيا كل ليلة" ثم ساق الأحاديث. (انظر كتاب التوحيد ص125) .
وقال ابن أبي زمنين: "ومن قول أهل السنة أن الله ينزل إلى سماء الدنيا ويؤمنون بذلك من غير أن يروا فيه حداً". (انظر أصول السنة ورقة 4/ ب، وانظر السنة لابن أبي عاصم 1/216، والشريعة للآجري ص306، واعتقاد أهل السنة للالكائي 2/418، وعقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني ص112، ومختصر العلو للذهبي ص128) .
كما نص على إجماع السلف على ذلك الإمام أبو عبد الله محمد بن خفيف فيما نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية. (انظر الحموية الكبرى ص46) .
وقد ألف الدارقطني كتاباً سماه "أحاديث النزول" تضمن ستة وتسعين حديثاً وأثراً في إثبات هذه الصفة، كما ألف ابن تيمية كتاباً سماه "شرح حديث النزول" قرر فيه هذه الصفة على ضوء عقيدة السلف ورد على المخالفين.
وقال الذهبي: "وأحاديث نزول الباري متواترة قد سقت طرقها وتكلمت عليها بما أسأل عنه يوم القيامة" (انظر مختصر العلو ص110) .
وقد ذكر ابن القيم تسعة وعشرين صحابياً رووا أحاديث النزول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (انظر الصواعق 2/230، ولوامع الأنوار البهية 1/242) .
وقال ابن حجر آل بوطامي: "… والحاصل أن حديث النزول حديث صحيح فقد رواه نحو من ثمانية وعشرين صحابياً عن النبي صلى الله عليه وسلم واشتملت عليه كتب الإسلام كالبخاري ومسلم ومسند أحمد وموطأ مالك، ورواه علماء الحجاز والعراق، وأطبق على اعتقاد نزوله بلا كيف جميع علماء الأمصار، كالإمام أبي حنيفة ومالك والسفيانين والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وسائر المحدثين والفقهاء، ولم يخالف في ذلك إلا أهل التعطيل والتأويل هدانا الله وإياهم سواء السبيل". (انظر كتابه العقائد السلفية ص76) .
وقد ذهب الخلف إلى تأويل هذه الصفة قائلين: إن المراد من النزول نزول أمره ورحمته، وقد رد عليهم أعلام السلف في ذلك، قال الدارمي في رده على بشر المريسي: "… وهذا أيضاً من حجج النساء والصبيان ومن ليس عنده بيان، ولا لمذهبه برهان، لأن أمر الله ورحمته ينزل في كل ساعة ووقت وأوان ... " (انظر كتابه ص20) .
وقد حاول المعطلة الاعتراض على أحاديث النزول من وجه آخر قائلين: إن ثلث الليل يختلف باختلاف البلدان، فلا يمكن أن يكون النزول في وقت معين، ولقد رد عليهم ابن رجب الحنبلي بعد حكاية قولهم قائلاً: "ومعلوم قبح هذا الاعتراض، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أو خلفاءه الراشدين لو سمعوا من يعترض به لما ناظروه، بل بادروا بعقوبته وإلحاقه بزمرة المخالفين المنافقين المكذبين". (انظر فضل علم السلف على الخلف ص6) .
كما رد عليهم ابن تيمية في شرح حديث النزول ص68- 106، والهراس في تعليقه على كتاب التوحيد لابن خزيمة ص128.
نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج    جلد : 1  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست