نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج جلد : 1 صفحه : 142
ولقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [1].
وقد بين ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث القبضتين[2].
وحديث الصادق المصدوق عن عبد الله بن مسعود[3]، وما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب - رضوان الله عليه - حين قال: يا رسول الله أرأيت ما نحن فيه[4] أمر قد فرغ منه، أم أمر مستأنف، فقال عليه السلام: بل أمر قد فرغ منه، قال عمر: ففيم العمل يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" [5] وغير ذلك مما جاء في الكتاب والسنة. [1] سورة الأنبياء آية: (101) .
يواصل الأشعري استدلاله بالقرآن الكريم على ما سبق أن ذكره في مقدمة هذا الإجماع، وهو استدلال صحيح يتفق مع ما ورد عن المفسرين في ذلك يقول ابن جرير: قال بعضهم: "عنى به كل من سبقت له من الله السعادة من خلقه أنه عن النار مبعد" (انظر تفسير الطبري 17/96) .
ويقول ابن تيمية: "وأما قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى …} فمن سبقت له من الله الحسنى فلابد أن يصير مؤمناً تقياً فمن لم يكن من المؤمنين لم يسبق له من الله حسنى، ولكن إذا سبقت للعبد من الله سابقة استعمله بالعمل الذي يصل به إلى تلك السابقة كمن سبق له من الله أن يولد له ولد، فلابد أن يطأ امرأة يحبلها، فإن الله سبحانه قدر الأسباب والمسببات فسبق منه هذا وهذا، فمن ظن أن أحداً سبق له من الله حسنى بلا سبب فقد ضل، بل هو سبحانه ميسر الأسباب والمسببات، وهو قدر فيما مضى هذا وهذا". (انظر مجموع الفتاوى 8/266) . [2] وردت أحاديث كثيرة في هذا المعنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ما أخرجه أحمد والحاكم عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله عز وجل خلق آدم، ثم أخذ الخلق من ظهره وقال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي، قال: فقال قائل: يا رسول الله: فعلى ماذا نعمل؟ قال: على مواقع القدر". (انظر المسند 4/186، والمستدرك 1/31، وقال الحاكم بعد روايته: صحيح على شرطهما ووافقه الذهبي، وانظر مجمع الزوائد 7/185، 186، وقال الألباني القدر وحديث القبضتين حق. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الأول ص76) . [3] عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق قال: إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكاً فيؤمر بأربع برزقه وأجله وشقي أو سعيد، فوالله إن أحدكم، أو الرجل يعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها غير باع، أو ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع، أو ذراعين، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها". (انظر البخاري كتاب القدر باب 1 ج7/ 210، ومسلم كتاب القدر باب 1 ج4/2036، ومسند أحمد 1/382، 430) . [4] ساقطة من (ت) . [5] الحديث أخرجه الترمذي من رواية علي بن أبي طالب بهذا اللفظ، وقال عقبه: "هذا حديث حسن صحيح، وأخرج نحوه من حديث عمر وقال عقبه: وفي الباب عن علي وحذيفة بن أسيد وأنس وعمران بن حصين". (انظر سننه 4/445، وانظر البخاري كتاب التوحيد باب 54 ج8/ 215، وكتاب القدر باب 4 ج7/ 212، ومسند أحمد 1/29، 52) .
وقد ورد في معنى هذا الحديث أحاديث كثيرة، وكلها تفيد تقدم علم الله وكتابته للأشياء قبل كونها، وأن ذلك لا ينافي وجود الأعمال التي يقوم بها العبد فتحصل بسببها السعادة، أو الشقاوة، ولذلك نهي عن الاتكال وترك العمل. (انظر ذلك بتفصيل في مجموع الفتاوى 8/272- 280) .
نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج جلد : 1 صفحه : 142