نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج جلد : 1 صفحه : 152
وجل: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ} [1] وقال: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [2] فعدد بذلك نعمته عليهم.
الإجماع الثلاثون
وأجمعوا على أن ما يقدر عليه من الألطاف التي لو فعلها لآمن[3] جميع الخلق غير متناهية، وأن فعل ذلك غير واجب عليه، بل هو تعالى متفضل بما يفعله منها، وأنه تعالى لم يتفضل على بعض خلقه بذلك، بل أضلهم كما قال: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} [4]، وقد قال موسى عليه السلام لما جيء بالعجل الذي عمله السامري لبني إسرائيل، وكان خواره فعل الباري تعالى عنه: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [5] ولم ينكر الله ذلك عليه، ولو كان وصفه بذلك جوراً كما يقول القدرية لما ترك الإنكار ذلك عليه وزجره عنه، وقد قال نبينا عليه السلام: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" [6]. [1] سورة الأنعام آية: (125) .
ومعنى شرح صدر العبد للإسلام أن يفسح للإيمان صدره وأن يهونه عليه وييسره له. (انظر تفسير الطبري 12/99، وابن كثير 3/328) .
والأشعري بذلك يرد على القدرية القائلين بأن العبد يخلق فعل نفسه، وأن الله يجب عليه فعل الأصلح لعباده، وهذه الآية من أعظم الحجج عليهم، ولذلك علق عليها ابن جرير بقوله: "وفي هذه الآية أبين البيان لمن وفق لفهمها عن أن السبب الذي يوصل إلى الإيمان والطاعة غير السبب الذي يوصل إلى الكفر والمعصية، وأن كلا السببين من عند الله". (انظر تفسير الطبري 12/108) . [2] سورة الحجرات آية: (7) .
وهذه الآية كالتي قبلها في الهدف والمضمون، وقد علق عليها أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية واستخرج منها مذهب أهل السنة في ذلك فقال: "أهل السنة متفقون على أن لله على عبده المطيع المؤمن نعمة دينية خصه بها دون الكافر، وأنه أعانه على الطاعة إعانة لم يُعِنْ بها الكافر كما قال تعالى: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} ، فبين أنه حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، فالقدرية يقولون: هذا التحبيب والتزين على كل الخلق، أو هو بمعنى البيان وإظهار دلائل الحق، والآية تقتضي أن هذا خاص بالمؤمنين ولهذا قال: {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} والكفار ليسوا براشدين، وقال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} ". (انظر منهاج السنة النبوية 1/370) .
وقد سبق ذكر إجماع السلف على أن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء. (انظر الإجماع الثاني عشر/
وسيأتي مزيد كلام للأشعري حول هذا المعنى في الصفحات القادمة. [3] في (ت) : "لأن". [4] سورة الأنعام آية: (125) . [5] سورة الأعراف آية: (155) . [6] الحديث سبق تخريجه انظر ص262 وانظر الإجماع الآتي.
نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج جلد : 1 صفحه : 152