responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج    جلد : 1  صفحه : 153
الإجماع الحادي والثلاثون
وأجمعوا على أن الله تعالى كان قادراً على أن يخلق جميع الخلق في الجنة متفضلاً عليهم بذلك؛ لأنه تعالى غير محتاج إلى عبادتهم له، (وأنه قادر أن يخلقهم كلهم في النار، ويكون بذلك عادلاً عليهم؛ لأن الخلق خلقه والأمر أمره لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، ولأنه عز وجل فعل من ذلك ما أراد لا معقب لحكمه وهو السميع البصير) [1].
الإجماع الثاني والثلاثون
وأجمعوا على أنه تعالى لا يجب عليه أن يساوي بين خلقه في النعم، وأنّ له أن يختص من يشاء منهم بما شاء من نعمة، وقد دل على صحة ذلك قولنا قوله تعالى: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [2] وأخبرنا تعالى عما أراده في تفضل بعض خلقه المكلفين فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} [3]، وقال في فريق آخر وهم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} [4] وإنما اختلف الفريقان لاختلاف ما أراده الله عز وجل لهم[5].

[1] ما ذكره الأشعري هنا هو معنى قول الله جل ذكره: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} ، (يونس آية: 99) .
وقال أيضاً: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (هود آية: 118، 119) .
والآيات في هذا المعنى كثيرة جداً، كلها دالة على تفويض الأمر لله وأنه سبحانه يفعل ما يشاء.
وقد قال ابن جرير في الآية السابقة: "ولو شاء ربك يا محمد لجعل الناس كلهم جماعة واحدة على ملة واحدة، ودين واحد، ثم ساق بسنده إلى قتادة أنه قال: لجعلهم مسلمين كلهم". (انظر تفسير الطبري 12/141، وتفسير ابن كثير 4/233، 292، والإجماع الآتي) .
[2] سورة الحديد آية: (21) .
[3] سورة المائدة آية: (41) .
[4] سورة الأحزاب آية: (33) .
[5] انظر ما تقدم ذكره في الإجماع التاسع والعشرين إلى هذا الإجماع، وكله يدل على أن فضل الله يؤتيه من يشاء، فمن أعطاه فهو فضل منه وإحسان ومن منعه فبعدله سبحانه. قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً} ، وقال: {… ولكن الله حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً} ، (وانظر في ذلك مجموع الفتاوى ج8/78- 80، والباب الرابع عشر من كتاب شفاء العليل لابن القيم ص117- 149، ولوامع الأنوار ج1/334- 338) .
نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج    جلد : 1  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست