نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج جلد : 1 صفحه : 158
الإجماع السابع والثلاثون
وأجمعوا على أنه لا يقطع على أحد من عصاة أهل القبلة في غير البدع بالنار، ولا على أحد من أهل الطاعة بالجنة إلا من قطع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك[1]، وقد دل الله عز وجل على ذلك بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [2].
ولا سبيل لأحد[3] إلى معرفة مشيئته تعالى إلا بخبر[4]، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لاتنزلوا أحداً من أهل القبلة جنة ولا ناراً" [5]. [1] ساقطة من (ت) . [2] سورة النساء آية: (48، 117) .
وهذه الآية نص صريح على أن مرتكب أي ذنب كان دون الشرك أمره مفوض إلى الله عز وجل، ولا يعلم أحد حكم الله فيه، وقد قال ابن جرير في تفسيرها: "وقد أبانت هذه الآية أن كل صاحب كبيرة ففي مشيئة الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه عليه، ما لم تكن كبيرته شركاً بالله". (انظر تفسير الطبري 8/450، وتفسير ابن كثير 2/286- 291) . [3] في (ت) : "إلى أحد". [4] في (ت) : "إلا بخبره". [5] يشير إلى معنى هذا الحديث ما أخرجه الطبراني عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تنزلوا عبادي العارفين الموحدين من المذنبين الجنة ولا النار حتى أكون أنا الذي أنزلهم بعلمي فيهم، ولا تكلفوا من ذلك ما لم تكلفوا ولا تحاسبوا العباد دون ربهم". (انظر المعجم الكبير 5/224) ، والحديث ضعيف لأن في إسناده نفيع بن الحارث قال فيه ابن حجر: متروك وقد كذبه ابن معين. (انظر تقريب التهذيب ومجمع الزوائد ج10/193) .
وقال الإمام أحمد: "ولا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه في النار لذنب عمله ولا لكبيرة أتاها إلا أن يكون في ذلك حديث…، ولا نشهد على أحد أنه في الجنة بصالح عمله، ولا بخير أتاه إلا أن يكون في ذلك حديث…". (انظر رسالة السنة ص70، 71) .
وقال الحافظ الصابوني: "ويعتقد ويشهد أصحاب الحديث أن عواقب العباد مبهمة لا يدري أحد بم يختم له، ولا يحكمون لواحد بعينه أنه من أهل الجنة، ولا يحكمون على أحد بعينه أنه من أهل النار، لأن ذلك مغيب عنهم…" (انظر عقيدة السلف وأصحاب الحديث 1/127) .
وقال النووي: "واعلم أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب" (انظر شرح النووي على صحيح مسلم 1/150) .
ويظهر لي أن مراد الأشعري بقوله: "لا يقطع على أحد من عصاة أهل القبلة - غير البدع - بالنار" أنه يعني بذلك البدع الشركية التي توقع صاحبها - لا محالة - في عذاب الجحيم كما نطق بذلك القرآن الكريم، ويؤيد ذلك استدلاله بالآية الكريمة عقب قوله السابق.
وهذه البدع الشركية كثيرة جداً وواقعة في الباطنية والروافض وغلاة المتصوفة، وذلك كبدعة المشركين الذين اتخذوا لله الأنداد وكبدعة المنافقين المبطنين للكفر، وكسبِّ الصحابة ولعنهم، وهناك بدع ليست مكفرة وذلك كبدعة التبتل والصيام قائماً في الشمس والخصاء بقصد قطع شهوة الجماع. ولقد فصل ذلك الإمام الشاطبي في الاعتصام. (انظر ج2/37) .
نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج جلد : 1 صفحه : 158