وطول الهم والغم، وضنك المعيشة، وكسف البال ... تتولد من المعصية والغفلة عن ذكر الله كما يتولد الزرع عن الماء، والإحراق عن النار، وأضداد هذه تتولد عن الطاعة"[1].
رابعا- النفس الأمارة بالسوء:
وهي نفس مذمومة جعلها الله في الإنسان، تأمره بكل سوء، وتدعوه إلى المهالك، وتهديه إلى كل قبيح، هذا طبعها، وتلك سجيتها، إلا ما وفقها الله وثبتها وأعانها، فما تخلص أحد من شر نفسه إلا بتوفيق الله، كما قال تعالى حاكيا عن امرأة العزيز: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [2]، وقال تعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً} [3] وقال تعالى لأكرم خلقه عليه وأحبهم إليه: {وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً} [4] وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم خطبة الحاجة:"الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له" [5] فالشر كامن في النفس وهو يوجب سيئات الأعمال، فإن خلى الله بين العبد وبين نفسه هلك بين شرها وما تقتضيه من سيئات الأعمال، وإن [1] الفوائد (ص 67) وانظر الجواب الكافي لابن القيم (ص 46 وما بعدها) . [2] سورة يوسف، الآية: 33. [3] سورة النور، الآية: 21. [4] سورة الإسراء، الآية: 74. [5] أخرج هذه الخطبة أبو داود (2/ 238) والنسائي (3/105) وغيرهما، وراجع رسالة الألباني (خطبة الحاجة) فقد جمع فيها طرق وألفاظ هذه الخطبة.