بداخل العالم ولا خارجه، ولا مباين للعالم ولا محايث له، إذ هذه الصفات يمكن أن يُوصف بها المعدوم، وليس هي مستلزمة صفة ثبوت، ولهذا قال محمود بن سُبكتكين لمن ادّعى ذلك في الخالق: ميِّز لنا بين هذا الرب الذي تثبته وبين المعدوم.
وكذلك كونه لا يتكلم، أو لا ينزل، ليس في ذلك صفة مدح ولا كمال، بل هذه الصفات فيها تشبيه له بالمنقوصات أو المعدومات، فهذه الصفات منها ما لا يتصف به إلا المعدوم، ومنها م لا يتصف به إلا الجماد أو الناقص.
فمن قال: لا هو مباين للعالم ولا مداخل للعالم، فهو بمنزلة من قال: لا هو قائم بنفسه ولا بغيره، ولا قديم ولا محدَث، ولا متقدم على العالم ولا مقارن له.
ومن قال: أنه ليس بحي ولا سميع، ولا بصير ولا متكلم، لزمه أن يكون ميتاً أصم أعمى أبكم.
فإن قال: العمى عدم البصر عمّا من شأنه أن يقبل البصر، وما لا يقبل البصر كالحائط لا يقال له: أعمى ولا بصير
قيل له: هذا اصطلاح اصطلحتموه، وإلا فما يُوصف بعدم الحياة والسمع والبصر والكلام يمكن وصفه بالموت والصمم والعمى والخرس والعجمة.
وأيضاً: فكل موجود يقبل الاتصاف بهذه الأمور ونقائضها، فإن الله قادر على جعل الجماد حياً، كما جعل عصا موسى حيَّة، ابتلعت الحبال والعصي.
وأيضاً: فالذي لا يقبل الاتصاف بهذا الصفات أعظم نقصاً ممن يقبل الاتصاف بها مع اتصافه بنقائضها، فالجماد الذي لا يُوصف بالبصر ولا العمى، ولا الكلام ولا الخرس، أعظم نقصاً من الحيّ الأعمى الأخرس.
قيل: إن الباري ـ عز وجل ـ لا يمكن اتصافه بذلك، كان في ذلك من وصفه بالنقص أعظم مما إذا وصف بالخرس والعمى والصمم ونحو