ولا جثة ولا صورة ولا لحم ولا دم ولا شخص ولا جوهر ولا عَرَض ولا بذي لون ولا طعم ولا رائحة ولا مجسة، ولا بذي حرارة ولا برودة ولا رطوبة ولا يبوسة، ولا طول ولا عرض ولا عمق، ولا اجتماع ولا افتراق ولا يتحرك ولا يسكن ولا يتبعض، وليس بذي أبعاض وأجزاء، وجوارح وأعضاء وليس بذي جهات ولا بذي يمين وشمال وأمام وفوق وتحت، ولا يحيط به مكان ولا يجري عليه زمان، ولا تجوز عليه الماسة ولا العزلة ولا الحلول في الأماكن ولا يوصف بشيء من صفات الخلق ... "[1]فهذه جملة قولهم في التوحيد وقد شاركهم في هذه الجملة الخوارج وطوائف المرجئة وطوائف من الشيعة.
قال ابن أبي العز في بيان فساد هذه الطريقة: "والمعطلة يعرضون عما قاله الشارع من الأسماء والصفات ولا يتدبرون معانيها، ويجعلون ما ابتدعوه من المعاني والألفاظ هو المحكم الذي يجب اعتقاده واعتماده ... والمقصود أن غالب عقائدهم السلوب ليس بكذا، ليس بكذا، وأما الإثبات فهو قليل وهو أنه قادر حيّ، وأكثر النفي المذكور ليس متلقى عن الكتاب والسنة ولا عن الطرق العقلية التي سلكها غيرهم من مثبتة الصفات فإن الله تعالى قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] .
ففي هذا الإثبات ما يقرر معنى النفي، ففهم أن المراد انفراده سبحانه بصفات الكمال، فهو سبحانه وتعالى موصوف بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، ليس كمثله شيء في صفاته ولا في أسمائه ولا في أفعاله[2].
9 ـ معنى قوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} :
أي لا تحيط به الأبصار لعظمته وجلاله وكماله، وإن كانت تراه في الآخرة وتفرح بالنظر إلى وجهه الكريم، فنفي الإدراك لا ينفي الرؤية بل [1] مقالات الإسلاميين للأشعري (ص155) . [2] شرح العقيدة الطحاوية (1/71) .