يثبتها بالمفهوم، فإنه إذا نفى الإدراك الذي هو أخص أوصاف الرؤية، دل على أن الرؤية ثابتة.
فإنه لو أراد نفي الرؤية لقال: لا تراه الأبصار، ونحو ذلك، فعُلِم أنه ليس في الآية حجة لمذهب المعطلة، الذين ينفون رؤية ربهم في الآخرة، بل فيها ما يدل على نقيض قولهم. وهذا الذي عليه جمهور أهل العلم من أهل السنة.
وقال بعضهم: إن الإدراك بمعنى أن الله لا يُرى في الدنيا دون الآخرة وأما أهل البدع فإن معنى الإدراك عندهم هو نفي الرؤية مطلقاً في الدنيا والآخرة، ولازم قولهم: إن الله معدومٌ؛ إذ المعدوم لا يُرى، وليس في كونه لا يُرى مدحٌ؛ إذ لو كان كذلك لكان المعدوم ممدوحاً وإنما المدح في كونه لا يُحاط به وإن رُؤي.
1. ـ معنى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ) فالذين لا يصفونه إلا بالسلوب ... ) .
أقول: السلوب جمع سلب والسلب هو النفي، والمراد أن هؤلاء المعطلة الغلاة لا يصفون الله تعالى بصفات ثبوتية كالسمع والبصر والعلو ونحوها من الصفات الكمالية الدالة على مطالب عظيمة ومعارف دالة على عظمة الله سبحانه وتعالى، بل هؤلاء المعطلة الغلاة ـ يصفون الله تعالى بأمور عدمية فيقولون: الله لا معدوم ولا موجود، ولا يتكلم ولا يرى ولا يسمع، ولا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال، ولا أمام ولا خلف، ولا داخل ولا خارج، ولا متصل ولا منفصل، فهذه الصفات في الحقيقة ليست بصفات كمالية بل هي صفات للمعدوم المحض، بل للممتنع البحت وليست هذه الصفات للموجود أصلاً، فضلاً عن أن تكون لواجب الوجود؟!
11 ـ معنى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: (قيل له: هذا اصطلاح اصطلحتموه ... مع اتصافه بنقائضها) .
أقول: هذا جواب عن اعتراض الجهمية، وتقرير هذا الاعتراض: أن