وكذلك الجارية لما قال لها: "أين الله؟ " قالت: في السماء[1]، إنما أرادت العلو مع عدم تخصيصه بالأجسام المخلوقة وحلوله فيها.
وإذا قيل: "العلو" فإنه يتناول ما فوق المخلوقات كلها، فما فوقها كلها هو في السماء، ولا يقتضي هذا أن يكون هناك ظرف وجوديٌّ يحيط به، إذ ليس فوق العالم شيء موجود إلا الله، كما لو قيل: إن العرش في السماء، فإنه لا يقتضي أن يكون العرش في شيء آخر موجود مخلوق.
وإذا قُدِّر أن "السماء" المراد بها الأفلاك كان المراد أنه عليها، كما قال: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْل} [طه: 71] ، وكما قال: {فَسِيرُوا فِي الْأَرْض} [آل عمران: 137] ، وكما قال: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْض} [التوبة: 2] ، ويُقال: فلان في الجبل، وفي السطح، وإن كان على أعلى شيء فيه".
معاني الكلمات:
يتوهم: التوهم هو ظن الشيء على خلاف ما هو عليه.
في بعض الصفات أو أكثر منها: الأشعري والماتريدي يتوهم أن جميع الصفات إثباتها تمثيل ما عدا سبع أو ثمان من الصفات.
أو كلها أنها تماثل صفات المخلوقين: الجهمي والباطني والمعتزلي يزعمون أن إثبات الصفات جميعاً فيه تمثيل.
ثم يريد: أي ذلك المتوهم وهو المعطل.
أن ينفي ذلك الذي فهمه: حيث توهم التشبيه في إثبات صفات الله، فيجعل ظاهر النصوص غير مراد، فيرد المعنى الصحيح الذي هو الحق لاعتقاده أنه معنى فاسد.
عناصر الموضوع:
1 ـ موضوع القاعدة الرابعة:
موضوع القاعدة الرابعة هي في بيان ما يترتب من ظن المعتزلة أن ظاهر نصوص الصفات هو التشبيه والتمثيل. [1] حديث الجارية أخرجه مسلم في صحيحه (1/381ـ382 برقم 537) .