10. ـ الدليل الذي ذكره المؤلف على أن كيفية نصوص الصفات مجهولة:
ذكر المؤلف دليلاً واحداً على أن الصفات مجهولة الكيفية لأن الله استأثر بعلمها وهو قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7] ، فالآية تدل على أن في القرآن شيئاً لا يعلم حقيقته وكنهه إلا الله ألا وهو كيفية الصفات والأمور الغيبية، وتدل الآية على أن الراسخين في العلم يعلمون معنى المتشابه الذي يخفى على كثير من الناس على قراءة الوصل.
11 ـ معنى قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ... } الآية1:
يخبر تعالى عن عظمته، وكمال قيوميته، وأنه هو الذي تفرد بإنزال هذا الكتاب العظيم، الذي لم يوجد ولن يوجد له نظير أو مقارب في هدايته وبلاغته وإعجازه وإصلاحه للخلق، وأن هذا الكتاب يحتوي على المحكم الواضح المعاني البين، الذي لا يشبه بغيره، ومنه آيات متشابهات، تحتمل بعض المعاني، ولا يتعين منها واحد من الاحتمالين بمجردها حتى تضم إلى المحكم فالذين في قلوبهم مرض وزيغ وانحراف لسوء قصدهم، يتبعون المتشابه منه، فيستدلون به على مقالاتهم الباطلة وآرائهم الزائفة، طلباً للفتنة وتحريفاً لكتابه، وتأويلاً له على مشاربهم ومذاهبهم ليَضلوا ويُضلوا، أما أهل العلم الراسخون فيه، الذين وصل العلم واليقين إلى أفئدتهم، فأثمر لهم العمل والمعارف، فيعلمون أن القرآن كله من عند الله وأنه كله حق، محكمه ومتشابهه، وأن الحق لا يتناقض ولا يختلف، فلعلمهم أن المحكمات معناها في غاية الصراحة والبيان، يردون إليها المشتبه الذي تحصل فيه الحيرة لنا وناقص العلم وناقص المعرفة.
1 انظر تفسير السعدي (ص1.2) .