فيردون المتشابه إلى المحكم، فيعود كله محكماً ويقولون: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ} للأمور النافعة والعلوم الصائبة {إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} أي أهل العقول الرزينة.
ففي هذا دليل على أن هذا من علامة أولي الألباب، وأن اتباع المتشابه من أوصاف أهل الآراء السقيمة، والعقول الواهية والقصود السيئة.
وقوله: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} إن أريد بالتأويل معرفة عاقبة الأمور، وما تنتهي إليه وتؤول، تعيّن الوقوف على {إِلَّا اللَّهُ} حيث هو تعالى المتفرد بالتأويل بهذا المعنى، وإن أريد بالتأويل: معنى التفسير، ومعرفة معنى الكلام، كان العطف أولى فيكون هذا مدحاً للراسخين في العلم، وأنهم يعلمون كيف ينزلون نصوص الكتاب والسنة محكمها ومتشابهها المقصود أن الآية لا تدل على أن الآية لا تدل على أن في القرآن شيئاً لا يعلم معناه إلا الله تعالى إنما تدل على أن في القرآن شيئاً لا يعلم حقيقته وكنهه إلا الله على قراءة الوقف، وتدل على أن الراسخين في العلم يعلمون معنى المتشابه الذي يخفى على كثير من الناس على قراءة الوصل.
12 ـ التأويل عند أهل السنة وأهل اللغة:
التأويل لغة: ترجيع الشيء إلى غاية المراد منه من الأول وهو الرجوع.
وفي الاصطلاح: رد الكلام إلى الغاية المراد منه، بشرح معناه أو حصول مقتضاه ويطلق التأويل عند أئمة أهل السنة على معنيين:
• الأول ـ التفسير: وهو توضيح الكلام بذكر معناه المراد به والتأويل بهذا المعنى معلوم لأهل العلم.
• الثاني ـ مآل الكلام إلى حقيقته: فإن كان خبراً فتأويله نفس حقيقة المخبر عنه، وذلك في حق الله كنه ذاته وصفاته التي يعلمها غيره، وإن كان طلباً فتأويله امتثال المطلوب، والتأويل بهذا المعنى مجهول حتى يقع فيدرك واقعاً.