والانحراف في الأسماء والصفات سببه كالانحراف في حياة الْمُسْلِمِينَ العامة، الانحراف في العبادات، فلو أنك ذهبت إِلَى بعض البلاد ونظرت إِلَى الصلاة التي يصلونها وما يكون من الأذكار البدعية قبل الصلاة وبعدها ماظننت أنها الصلاة التي يصليها الْمُسْلِمُونَ، مع أن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما جاءنا إلا بدين واحد، وما علم أصحابه إلا صلاة واحدة وما هذه النتيجة إلا لأنه لم يوحد الرَّسُول صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالاتباع وبالطاعة وبالتحكيم، ويقدم كلامه عَلَى كلام أي أحد كائناً من كان، فضعنا في عباداتنا وفي أحكامنا وقضاءنا ومعاملاتنا واعتقادنا وفي كل شيء، وسبب الضياع هو عدم التسليم لرَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يخبر، وعدم الإذعان لأمره، وعدم الانقياد للوحي والإيمان بأنه لا خير ولا نور ولا هدى ولا حكمة إلا فيما أنزل عَلَى رَسُول الله، وما عداه إن عارضه فإننا نضرب به عرض الحائط ولا نبالي به، كما علمنا أئمة الإسلام الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
ومعنى ما ذكره المُصنِّفُ - رَحِمَهُ اللهُ- يدور عَلَى موضوع تعارض العقل والنقل وهو من أكبر الأبحاث، وأعظم الموضوعات المهمة في أبواب العقيدة.
بل إننا نقول الآن: إن مسألة المصدر الذي نتلقى منه الحق ونقيس به الأمور، فيعرف صحيحها من سقيمها والتي يجب عَلَى الإِنسَان أن يعرفها، هي أعظم المسائل التي خاضت فيها العقول البشرية والآراء والأفهام منذ القدم، فليس هناك من كتاب في الفلسفة أو التاريخ أو في أي فن من الفنون العلمية، إلا وهو يقول: إن ما نكتبه ونقوله هو الحق، ومعيارنا في ذلك هو الحق وكذلك ما من خطيب أو متكلم إلا ويقول: أنا الذي عَلَى الحق في هذا الرأي ودليلي ومعياري في هذا الحق هو كذا وكذا من الأدلة، ويأتيك بمصدره الذي استقى واستمد منه هذا الحق، ومن هنا نعرف أهمية مصدر الاستمداد والتلقي لكل إنسان.