كل فكرة ومذهب -في اعتقادنا- لا تخرج بأي حال من الأحوال عن مصدرين:
المصدر الأول: الوحي، وهو الكتاب والسنة وما تفرع منهما واتبعهما، من الفهم والفطرة القويمة السليمة.
والمصدر الآخر، باطل: وهو إما الجهل وإما الهوى أو وحي الشياطين، وإن سماه أهله فلسفة أو أموراً عقلية.
وقد ذكر الله ذلك عن الأمم السابقة حين قَالَ: فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ [غافر:83] ، فكل نبي يأتي قومه فإنهم يجادلونه وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَق [غافر:5] فالملأ المستكبر في الأرض وأصحاب الديانات في الأمم السابقة. وفي كل مكان يجادلون بما عندهم من الباطل، وكما تقول الحضارة الغربية اليوم: (إن فلسفتنا، إن العلم البشري، إن التجارب، إن الأنظمة البشرية، إن علوم الاجتماع وعلوم النفس، تقول غيرما تقولون أنتم في كتاب الله أو في السنة، فالديمقراطية والاشتراكية تقول هذا وغيرها من الأفكار التي قُدست أو عظمت، وهي في الحقيقة أصنام ولكنها ليست أختاماً منحوتة كتلك التي نحتها قوم إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلام- فكسرها وحطمها، ولكنها أصنام من المبادئ والأفكار والشعارات المضللة، وكهانها يختلفون عن كهان الأصنام السابقة؛ لأنهم يلبسون ثياب العلم والحضارة والرقي والتمدن، وما أشبه ذلك.