إذاً: أئمة المذهب الحنفي هم كغيرهم من الأئمة المعاصرين لهم كسفيان بن عيينة، ووكيع وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي ثُمَّ الإمام أَحْمَد، كل أُولَئِكَ العلماء الأجلاء، كانوا جميعاً عَلَى هذا المذهب وعلى هذه القاعدة الذهبية العظيمة، وهو: أن ما جَاءَ عن الله أو صح عن رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنهم يؤمنون به ويثبتونه، ويعتقدون أن ظاهره حق، فنفهم من هذا أن مذهب السلف يتنافى مع التأويل، لأنه قَالَ: (كما جاءت) فلا تأويل، فلا نقول: استوى، بمعنى استولى، واليد بمعنى القدرة، وينزل ربنا أي تنزل رحمته، أو أمره، وإلا فإننا لم نمرها كما جاءت، وإنما حولناها وحرفناها، فالتحريف هو التأويل في حقيقته؛ لأنه يغير المعنى ويغيير اللفظ عما أراده المخاطب الذي قاله.
ويرد علىأهل التفويض الذين لا يثبتون المعنى، يقولون في: الرحمن عَلَى العرش استوى الله أعلم بمراده، وله يد الله أعلم بمراده، وهكذا، لكن السلف الصالح يثبتون المعنى فالاستواء معلوم والكيف غير معقول
فبعض المفوضة يستدل بمثل هذه النصوص، ويقول: إن مذهب السلف هو التفويض لأنهم قالوا: نمرها كما جاءت، بمعنى نثبت الحروف والألفاظ كما جاءت دون أي فهم، ولا معنى لها، وهذا خطأ، وإنما مقصود السلف، هو أن نثبت ظاهرها ونؤمن به، ونقره ونمره كما جاء، إذاً هذه العبارة التي وردت عن كثير من السلف بمعاني وألفاظ متقاربة ترد عَلَى أهل التأويل، كما ترد عَلَى أهل التفويض
المعنى الكفري ليس هو ظاهر النص ولا مقتضاه