النقاد ينتقدون شعره فَيَقُولُ: أنا علي أن آتي بالقوافي من معادنها الأصلية والمعاني الجزلة البليغة، وما علي إذا لم تفهم البقر، وكأن الذين لا يفهمون شعره من البقر، فإذا كَانَ هذا ما قاله شاعر أو آخر في كلامه، فكلام الله عَزَّ وَجَلَّ كما قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ:
[فكيف يقال في قول الله، الذي هو أصدق الكلام، وأحسن الحديث] كما قال ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان يكرره في خطبه الثابتة المشهورة [وهو الكتاب الذي أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود:1]] اهـ.
فإن الأفهام تعجز عن إدراك حقيقته، والعيب ليس فيه، ولكن في الذين لا يفهمونه، وحاشاه من العيوب.
حقيقة قول المتأولين
ثُمَّ يقول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: [إن حقيقة قولهم إن ظاهر القُرْآن والحديث هو الكفر والضلال، وإنه ليس فيه بيان لما يصلح من الاعتقاد، ولا فيه بيان التوحيد والتنزيه، هذا حقيقة قول المتأولين] اهـ.
يقول السنوسي في شرح العقائد الكبرى: من أصول الكفر الأخذ بظواهر النصوص، كآيات الصفات، كاليد والاستواء، وما أشبه ذلك فجعلوها من أصول الكفر عافانا الله وإياكم؛ لأن هذه الظواهر تدل عَلَى الكفر، فيقول لا بد أن نحولها ونحرفها عن معانيها، وقالأبو المعالي الجويني -وتبعه كثير من الأشعرية في هذا-: نَحْنُ نؤول تأويلاً كلياً، وكذلك قال الرازي: نؤول تأويلاً كلياً، أي: نقول كل آيات وكل أحاديث الصفات ظاهرها غير مراد: وهذا يسمى التأويل الإجمالي، لقيام القاطع والبرهان العقلي عَلَى أن الله لا يشبهه شيء، ولا يشبه هو شيئاً، فكلها مؤولة تأويلاً إجمالياً، ثُمَّ إن شئت قلت: الله أعلم بمعانيها الحقيقية، وإن شئت أخذت في التأويل التفصيلي.