التأويل عند الأشاعرة نوعان: التأويل الإجمالي: وهو أن ترد كل معاني الصفات في الجملة وتقول بأن ظاهرها غير مراد، لقواطع وبراهين عقلية قامت عَلَى أن الله لا يشبهه شيء، فهذا هو التأويل الإجمالي، أما التأويل التفصيلي: أن تأخذ كل آية من آيات الصفات، وتخرجها بتأويل عَلَى مقتضى أي وجه من أوجه اللغة أو أي معنى كان، ولو كَانَ معنى بعيداً، ومثال ذلك ما ذكرهأبو حامد الغزالي في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يضع الجبار قدمه " قَالَ: الجبار هو الرجل الظالم، أو ملك يخلقه الله، يضع قدمه في النَّار.
المهم أن نخرج الكلام بأي معنى من المعاني، فهذا هو التأويل التفصيلي، وقد سبق أنهم يقولون: إن ظاهر النصوص هو الضلال، ولا بد من تأويلٍ إما تفصيلي وإما إجمالي لهذه النصوص، إذاً فحقيقة قولهم هذا أن ظاهر القُرْآن هو الضلال، وأنه ليس فيه ما يصلح للاعتقاد، وليس فيه توحيد، ولا تنزيه، هذا حقيقة ما يقوله هَؤُلاءِ المؤولون.
يقول المصنف:
[والحق أن ما دل عليه القُرْآن فهو حق وما كَانَ باطلاً لم يدل عليه] اهـ.
فأي معنى باطل فإن القُرْآن والسنة لا يدل عليه، فلا نقول: القُرْآن دل عَلَى معنى باطل، ثُمَّ ننفي هذا المعنى، بل نقول: القُرْآن لا يدل عَلَى معنى باطل، وظاهر الآيات، والأحاديث لا يمكن أن تدل عَلَى معنى باطل، قال المصنف:
[والمنازعون يدعون دلالته عَلَى الباطل الذي يتعين صرفه] اهـ.
فيلاحظ الفرق بيننا وبينهم، نقول: هذا ظاهر القُرْآن والسنة، وهو حق، لا يمكن أن يدل عَلَى باطل، ولا يكون المعنى الباطل ظاهر النص ولا مقتضاه، فجاء هَؤُلاءِ وَقَالُوا: المعنى الذي يدل عليه ظاهر النص باطل، ومن هنا يتعين علينا أن نصرفه إما صرفاً إجمالياً كلياً، وإما صرفاً تفصيلياً، وهذا هو التأويل، فنرد عليهم بما قاله المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ.