قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ: [ولفرق الضُلال في الوحي: طريقتان: طريقة التبديل، وطريقة التجهيل، أما أهل التبديل فهم نوعان: أهل الوهم والتخييل، وأهل التحريف والتأويل، فأهل الوهم والتخييل هم الذين يقولون: إن الأَنْبِيَاء أخبروا عن الله واليوم الآخر والجنة والنَّار بأمور غير مطابقة للأمر في نفسه! لكنهم خاطبوهم بما يتخيلون، ويتوهمون به، أن الله شيء عظيم كبير، وأن الأبدان تعاد، وأن لهم نعيماً محسوساً، وعقاباً محسوساً، وإن كَانَ الأمر ليس كذلك، لأن مصلحة الجمهور في ذلك، وإن كَانَ كذباً فهو كذب لمصلحة الجمهور، وقد وضع ابن سينا، وأمثاله قانونهم عَلَى هذا الأصل] اهـ.
أهل الوهم والتخييل (الفلاسفة)
فأصحاب التخيل بالجملة هم الفلاسفة، المنتسبين للإسلام، ابن سينا، والكندي والفارابي، وأمثالهم، ومذهبهم: أن كل ما جَاءَ في الكتاب والسنة فهو عبارة عن تخيلات، وهذه الخطابات التي خاطب الله بها عباده تخيلات، وإنما ذكرت لمصلحة الجمهور، وهم عامة النَّاس ومصلحتهم أن يُقال لهم: هناك عذاب، ونعيم وجنة، ونار حتى تقوم حياتهم وفق قانون منضبط، فتكون حياة عَلَى العدل والاستقامة والخير؛ لكن في الحقيقة هذه الأمور ليس لها أصل من الصحة -هكذا يقولون- والعياذ بالله، وليس بعد هذا الكفر كفر، وهَؤُلاءِ ليسوا من الإسلام في شيء بإطلاق.