يقول المصنف: [فقد فتحتم عليكم باباً لأنواع الْمُشْرِكِينَ والمفسدين، لا تقدرون عَلَى سده، فإنكم إذا سوغتم -أي: جوزتم- صرف القُرْآن عن دلالته المفهومة بغير دليل شرعي، فما الضابط فيما يسوغ تأويله وما لا يسوغ؟ فإن قلتم: ما دل القاطع العقلي عَلَى استحالته تأولناه، وإلا أقررناه] .
أي: أرجعونا إِلَى العقل! فما دلت البراهين والقواطع العقلية عَلَى تأويله أولناه، والذي لا تدل عليه آمنا به فهو بهذا يقول لك: ضع عقيدتك وراء عقلك، كما كتب بعضهم في مقدمة كتاب كبرى اليقينيات الكونية: (الإهداء إِلَى كل حر يضع عقيدته وراء عقله) ! فأول شيء تفكر فيه أن تعرض العقيدة عَلَى العقل فإن وافق عليها تماماً فتؤمن بها، وإن لم يوافق عقلك عليها فتردها، إذاً فأين الذين يؤمنون بالغيب؟! أين الذين وصفهم الله بـ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة:3] ؟! فنقول: إذا كانت القضية قضية الدلالة العقلية، فما الضابط فيما يؤول، وما لا يؤول؟ قالوا: القاطع العقلي، نقول: بأي عقل نزن القاطع العقلي؟
فالرافضي مثلاً!! يقول له عقله: كل آية فيها وعيد للكفار، فالمقصود بها بنو أمية ومعاوية وعمرو بن العاص وعَائِِِشَةَ.
والباطني القرمطي يقول: كل آية في القُرْآن فيها وعيد أو عذاب، فهي مجرد تخييل ليس له دلالة ولا أصل في الواقع!، والصلاة هي فلان وفلان أسماء خمسة سبق ذكرهم، والصيام: حفظ الأسرار، والحج: أن نقصد الإمام المستور إِلَى آخر ذلك، وعندما نقول لصاحب العقل: لا بد أن تؤمن بالقرآن، فإنه يقول: إن القاطع العقلي عندي قام عَلَى أني لا أومن بظاهر النص.
بالتأويل الباطل تزندق من تزندق
وممن يستدل بالقاطع العقلي الباطنية والروافض وهم لا يرجعون إِلَى مجرد القاطع العقلي، لكن يضيفون إِلَى ذلك شيئاً آخر وهو العلم المستور، يأخذونه عن الأبواب والحجج، أو صيحة من ينوب عن الإمام المستور!!