وهو الإمام الغائب الذي في السرداب أو في غير السرداب، لأن عنده العلم الحقيقي، عنده الجفر والجامعة وهما كتابان، يقولون: إن فيهما كل العلم، وهو ينقل عنهما ويبلغه إِلَى الناس، فيقولون: نَحْنُ لا نؤمن بظاهر القُرْآن والسنة إلا عَلَى هذا المعنى، الذي دلت عقولنا عليه، وهَؤُلاءِ لهم أقوال كثيرة.
والفيلسوف يقول: قام القاطع العقلي عَلَى أن الحشر ليس حقيقياً، وإنما هو للأرواح.
والمعتزلي يقول: دل العقل عَلَى أن الرؤية ممتنعة في حق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
والآخر يقول: صفة العلم لله تَعَالَى أو الكلام أو الرحمة دل العقل عَلَى امتناعها، إذاً كل واحد يؤول عَلَى ما يهواه، والعقول تختلف، فما الذي يضبط هذه العقول؟ لأن كل لفظ يمكن أن يؤول حتى قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43] إِلَى آخره، فلا يبقى لدينا أي شيء لا يمكن أن يؤول، إذاً لم يبق من ديننا شيء.
فإن قالت الأشاعرة والماتريدية: نَحْنُ لا نقصد هذا.
نقول: نعم، أنتم لم تقصدوا هذا، لكن إذا فتحتم هذا الباب جاءت الفلاسفة، والقرامطة، وَقَالُوا: لماذا تأويلكم أنتم صحيح، ونحن تأويلنا خطأ؟!، تؤولون الاستواء وتؤولون العلو -والعلو ثابت بأدلة تعد بالآلاف- ونحن نؤول البعث، فلا فرق بيننا، هذه آيات وهذا آيات، عندكم قاطع عقلي، وعندنا قاطع عقلي!
إذاً: لا بد أن يكون لدينا ما يلزم الجميع، وهو تفسير القرآن، بكتاب الله عَزَّ وَجَلَّ وبسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما فسرها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصحابة، وفهمها السلف، وما عدا ذلك فهو مبتدع، ثُمَّ قد يكون كفراً، وقد يكون ضلالاً، وقد يكون خطأً.