فهذه الأركان الأساسية الثلاثة التي هي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهو الركن الأول، وإقام الصلاة وهو الركن الثاني، وإيتاء الزكاة وهي الركن الثالث الذي ورد النص صريحاً في المقاتلة عليها، لأنها هي التي تعطي الطابع العام للمجتمع أو للفرد، أما الحج والصوم فهذا حكمه بينه وبين ربه، بخلاف الصلاة فنقاتله ونقتله إن أصر على تركها، وكذا الزكاة نقتله أو نأخذها منه قهراً، فإذا أخذنا الزكاة منه قهراً وسكت وهو في قلبه كاره لذلك؛ فهو منافق بينه وبين ربه، لكنه في الأحكام الدنيوية الظاهرة مسلم، وزكاته أخذناها منه قهراً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا) .
والإمام البخاري -رحمه الله تعالى- لما وضع كتاب التوحيد، ذكر فيه أول ما ذكر حديث معاذ لما بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال له: (إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، أو إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب من اليهود، فليكن أول ما تدعهم إليه عبادة الله) وهذا يدل على دقة فهم البخاري، وفقه البخاري في تراجمه وتبويبه.
فهذه روايات صحيحة وثابتة في البخاري، وبعضها في مسلم في ألفاظ حديث معاذ:
الرواية الأولى: (فليكن أول ما تدعهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات) .
الرواية الثانية: (فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله) .
الرواية الثالثة: (فليكن أول ما تدعهم إلى أن يوحدوا الله، فإذا عرفوا ذلك، فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات) .