فمن مجموع هذه الروايات نفهم أن أول ما يجب أن يدعى إليه هو التوحيد، وهو شهادة أن لا إله إلا الله. فالتوحيد هو أول ما ندعو إليه، وعلى جميع الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى في كل زمان ومكان أن يبدؤوا دائماً بالتوحيد. فإن ذهبنا إلى قوم لا يعرفون التوحيد، فأول ما ندعوهم إليه التوحيد، فإذا قالوها علمناهم معناها ولوازمها، ومقتضياتها وحقوقها وفروعها، وإن ذهبنا إلى قوم يقولون أو يشهدون أن لا إله إلا الله، فندعوهم أن يصححوا عقيدة التوحيد إن كان فيها خلل أو خطأ، ولاشك أنه مع تطاول القرون، ومع دخول كثير من العجم وغيرهم في هذا الدين، ومع انتشار الجهل وفشو البدع والضلالات، صارت عقيدة التوحيد فيها غبش يتفاوت كثرةً بحسب البلدان.
فأول ما ندعوا إليه المسلمين هو تصحيح عقيدة التوحيد، وأول ما ندعو إليه غير المسلمين هو عقيدة التوحيد.
فمثلاً: إذا ذهبنا إلى أوروبا فأول ما ندعو إليه التوحيد، لا نناقش ابتداءً في المشاكل الاجتماعية التي يعيشها الغرب إلا في حالة واحدة وهي: أن نناقشها لنربطها بحقيقة التوحيد.
ثم ذكر الإمام البخاري -بعد حديثمعاذ - حديث فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فذكر حديثين:
الحديث الأول: {إنها لتعدل ثلث القرآن} .
والحديث الآخر: {أن النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟
فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه أن الله يحبه} .
وذلك لأنه أحب صفات الله عز وجل، فمن هنا نعرف أهمية توحيد الأسماء والصفات.