وشاهد هذا قوله تعالى: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181) } [1] {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ} [2] الاستدراج هذا هو المكر {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) } [3] وقال تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} [4] .
إملاء الله للكافرين هو من مكره بهم، {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} [5] مما يشتهونه، ويفرحون به {أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} [6] أليس هذا مكرا، يفتح الله عليهم أبواب المسرات والنعم والخيرات ويصب عليهم مما يشتهون حتى إذا فرحوا بما أتوا أحل بهم النقمة {أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45) } [7] مكر، إي والله، والآن ما تتمتع به أمم الكفر من الحضارة القائمة والرقي والتقدم المادي والسلطان والقوة على سائر أمم الأرض، هذا والله إنه من مكر الله بهذه الأمم الطاغية من مكر الله بهم إنهم يعيشون في مكر من الله.
هذه الفتوح المادية أدت بهم إلى الاغترار والزهو والغطرسة والكبرياء والتسلط والظلم، هل انتفعوا بهذه الحضارة، أو ازدادوا بها إثما، انتفعوا لا والله، بل ازدادوا بها إثما تماما " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ". [1] - سورة الأعراف آية: 181. [2] - سورة الأعراف آية: 182. [3] - سورة الأعراف آية: 182. [4] - سورة آل عمران آية: 178. [5] - سورة الأنعام آية: 44. [6] - سورة الأنعام آية: 44. [7] - سورة الأنعام آية: 44-45.