أما العرش فقد دلت النصوص على أنه مخلوق متميز عن سائر المخلوقات موصوف بما ذكرت أنه جاء في القرآن عظيم وكريم ومجيد. وجاء في السنة أنه ذو قوائم، وجاء في القرآن أنه محمول: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ z¸ِچyèّ9$ وَمَنْ حَوْلَهُ} [1] يحملون العرش يصح أن يكون الملك يحملون الملك هم الملائكة من جملة ملك الله، فلا يستقيم هذا التفسير الذي هو في الحقيقة تحريف، وتفسير الاستواء بالاستيلاء أيضًا فاسد من جهة اللغة ومن جهة الشرع، فإنه لا يعرف في اللغة، استوى: بمعنى استولى، ولا دليل لهم عليه إلا بيت قاله الأخطل النصراني قال:
...................... '''قد استوى بشر على العراق
قالوا: إن هذا معناه استولى على العراق. وليس هذا صريحًا، استوى بشر على العراق، يعني: علا على عرشه، صار سلطانًا عليه، وهذه عمدتهم، وأيضًا من جهة المعنى، لا يصح، فإن الاستيلاء يشعر بأنه كان قبل ذلك غير مستول عليه، وأنه صار مستوليا عليه بعد أن لم يكن، أو يشعر أيضًا بالمغالبة، استولى عليه.
فالمهم أن المعطلة ومن سلك سبيلهم ينفون حقيقة الاستواء، ويفسرونه بالاستيلاء، وهؤلاء أهل التأويل منهم أما أهل التفويض، فيقولون: هذه نصوص يجب أن نمرها ألفاظا دون أن يفهم منها معنى، ودون أن تفسر تمر ألفاظا، وتقرأ ألفاظا جوفاء، لا تتدبر، ولا يعقل لها معنى، وكلا القولين باطل، أعني: قول أهل التفويض وأهل التأويل.
فالاستواء إذن يجب إثباته لله، يجب أن نؤمن بأنه -تعالى- مستوٍ على العرش، وأنه استوى عليه بعد خلق السماوات والأرض، والعرش مخلوق قبل ذلك، " كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء ". [1] - سورة غافر آية: 7.