ومن النصوص الدالة على علوه التصريح بوصف العلو {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) } [1] اسم من أسمائه "العلي" فله العلو بكل معانيه، وله الفوقية بكل معانيها: ذاتا وقدرا وقهرا، ولكن العلو الذي أنكره المعطلة، هو علو الذات، وعلو القدر، وإن أثبتوه لفظا، فما أثبتوه في الحقيقة؛ لأن من نفى صفات الرب -تعالى- نفى أسماءه وصفاته، فما أثبت لله علو القدر {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [2] .
فالعلو الذي فيه نزاع بين أهل السنة وطوائف المبتدعة، هو علو الذات، فأهل السنة يؤمنون بما دلت عليه هذه النصوص من أنه في العلو، فوق جميع المخلوقات، فهو عال بذاته فوق جميع المخلوقات، فهو العلي الأعلى، هو العلي، وهو الأعلى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [1] } [3] .
وأما أهل البدع فيقولون - أعوذ بالله من الضلال والزيغ زيغ القلوب- فيقولون: إنه ليس في السماء، ليس في العلو، بل هو في كل مكان، حال في المخلوقات، وهؤلاء هم الحلولية الذين رد عليهم الإمام أحمد، وقال: إن قولكم هذا يستلزم أن يكون الله في الأماكن المستقذرة والمستهجنة من الحشوش وبطون الحيوانات، وكفى بهذا تنقصا لرب العالمين، فالله أعلى وأجل من أن تحيط به مخلوقاته، وأن يحويه شيء من مخلوقاته، بل هو العلي العظيم، العلي فوق كل شيء، العظيم الذي لا أعظم منه، فلو كان حالا في كل مكان لما كان هو العلي، ولما كان هو العظيم مطلقا. [1] - سورة البقرة آية: 255. [2] - سورة الأنعام آية: 91. [3] - سورة الأعلى آية: 1.