وهؤلاء الضلال الملاحدة عمدوا إلى هذه النصوص الكثيرة، فحرفوها كما حرفوا نصوص الاستواء فيما سبق، حرفوا الباقي، أو فوضوا، فقد يقولون: بل رفعه الله إليه، رفع الله عيسى إليه، رفعه إليه يعني: إلى محل عظمته وسلطانه، يعني: هذا من نوع تحريفاتهم، {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [1] إلى محل عظمته وسلطانه، والسلطان معه في كل مكان.
في عموم النصوص في نحو هذه التأويلات السمجة يعني: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [2] هكذا يقول: أأمنتم من في السماء أمره -سبحانه- أمر الله -سبحانه- نافذ في كل شيء، فيحرفون هذه النصوص فعندهم أن الله في كل مكان، فالملائكة لا تعرج إليه، نسبة كل المخلوقات إلى الله سواء، ليس بعضها أقرب إلى الله من بعض، والنصوص دالة على أن من العباد ومن المخلوقات ما هو عنده {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ} [3] هؤلاء مقربون، الملائكة المقربون {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) (206) } [4] .
وكفى بهذا تنقصا لرب العالمين وتلاعبا بكلامه -سبحانه وتعالى - حيث يصرف عن وجهه، ويحرف عن مواضعه، وتجعل كل هذه النصوص، ليست على حقيقتها بل هي مجاز.
إذن يجب الإيمان بأنه -تعالى- له العلو بكل معانيه، والفوقية بكل معانيها، وأنه -تعالى، إذن- فوق جميع المخلوقات، ولا يخفى عليه شيء من أعمالهم، فتقول: إنه -تعالى- فوق جميع المخلوقات، وأنه العالي على جميع المخلوقات، ولكن لا تقل: إنه استوى على جميع المخلوقات، فالاستواء على العرش.. فالاستواء مختص بالعرش، وأما العلو فإنه على جميع المخلوقات. [1] - سورة المعارج آية: 4. [2] - سورة الملك آية: 16. [3] - سورة الأعراف آية: 206. [4] - سورة الأعراف آية: 206.