وكل هذا الكلام الذي ذكره الله من أنه فوق العرش وأنه معنا حق على حقيقته، لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة، مثل أن يُظن أن ظاهر قوله "في السماء" أن السماء تقله، أو تظله.
وهذا باطل بإجماع أهل العلم والإيمان، فإن الله قد وسع كرسيه السماوات والأرض، وهو الذي {يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [1] {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [2] {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} [3] .
هذا فصل خصصه الشيخ -رحمه الله- لتقرير صفتين من صفات الله، تقدم ذكرهما وذِكر أدلتهما من الكتاب ومن السنة، ألا وهما علوه تعالى على خلقه واستواؤه على عرشه، ومعيته لعباده.
هاتان الصفتان تقدم ذكر الأدلة على العلو، والأدلة على المعية فيما أورده الشيخ من النصوص القرآنية، وفيما أورده من الأحاديث النبوية، ولكنه خصص لهاتين الصفتين فصلا خاصا؛ لوجود الاضطراب في هذا المقام، وعروض الاشتباه أو كثرة الاشتباه في هذا الأمر.
يقول الشيخ -رحمه الله-: "من الإيمان بالله الإيمان بما أخبر الله به في كتابه، وتواتر عن رسوله، وأجمع عليه سلف الأمة من أنه -سبحانه وتعالى- فوق سماواته مستو على عرشه". [1] - سورة فاطر آية: 41. [2] - سورة الحج آية: 65. [3] - سورة الروم آية: 25.