فهذه العوالم كلها في قبضته -تعالى- يدبرها كيفما يشاء، {يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [1] والسماوات والأرض قائمة بأمره، ويوم القيامة إذا شاء قبض الأرض وطوى السماوات بيمينه قال الله: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) } [2] وفي الحقيقة أنه ينبغي حفظ هذا الفصل؛ لأن فيه عبارات جيدة تتضمن بيان ما يجب انتهاجه والثبات عليه من إثبات هاتين الصفتين العلو والمعية، الإيمان بذلك هو من الإيمان بالله ومن الإيمان بكتابه ومن الإيمان برسوله - صلى الله عليه وسلم - الإيمان بعلوه واستوائه ومعيته هو من الإيمان بالله وكتبه ورسله.
فصل في وجوب الإيمان بقرب الله من خلقه وأنه لا ينافي علوه وفوقيته
فصل: وقد دخل في ذلك الإيمان بأنه قريب من خلقه مجيب كما جمع بين ذلك في قوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [3] الآية، وقوله - صلى الله عليه وسلم - " إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته " وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته وأنه -سبحانه- {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [4] في جميع نعوته وهو علي في دنوه قريب في علوه
هذا الفصل متمم للذي قبله؛ ولهذا يقول: فقد دخل في ذلك، يعني: فيما تقدم من الإيمان بعلوه ومعيته الإيمان بأنه قريب مجيب قال الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [5] . [1] - سورة فاطر آية: 41. [2] - سورة الزمر آية: 67. [3] - سورة البقرة آية: 186. [4] - سورة الشورى آية: 11. [5] - سورة البقرة آية: 186.