ولهذا جاء التنصيص على أنه كلام الله، وقد أجمع أهل السنة على ذلك، أجمعوا على أن القرآن كلام الله؛ لأن من ينفي أن يكون القرآن كلام الله حقيقة وأنه مخلوق إنما يقول ذلك بناء على أصله الفاسد وهو أن الله لا يتكلم -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا-، وتقدم أن نفي الكلام عن الله تنقص لرب العالمين، وسبق التذكير بأن الله بين لبني إسرائيل بطلان ألوهية العجل بأنه لا يتكلم {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148) } [1] ويختم الشيخ هذا الفصل بقوله: "فالقرآن هو كلام الله حروفه ومعانيه" ليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف.
الجهمية والمعتزلة نفاة الكلام مطلقا يقولون: القرآن ليس كلام الله حروفه ومعانيه ليست كلاما لله، بل الكل مخلوق، وأما الأشاعرة يقولون: المعنى كلام الله، أما الحروف فهي معبر بها عن المعاني، عن تلك المعاني، والحق أن القرآن كلام الله حروفه ومعانيه، حروفه ومعانيه {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [2] } [2] هذه الآية تكلم الله بها، تكلم بها كيف شاء وتلقاها عنه الرسول الكريم جبريل {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) } [3] {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) } [4] وبلغه للرسول الكريم من البشر محمد - صلى الله عليه وسلم -. [1] - سورة الأعراف آية: 148. [2] - سورة الفاتحة آية: 2. [3] - سورة الحاقة آية: 40. [4] - سورة التكوير آية: 20.