عامة الإرادة الكونية عامة بمعنى المشيئة عامة، تشمل كل ما في الوجود، من خير وشر، كله بمشيئته سبحانه وتعالى، وهذا يرجع إلى كمال ملكه، إلى كمال الملك، فله الملك كله، فكل ما في الوجود فإنه واقع بمشيئته وقدرته تعالى، أما الإرادة الشرعية فليست عامة، بل هي مختصة بما يحبه الله، بما يحبه الله، فالله يريد من عباده الإيمان والطاعة، إذا كان يريد من عباده الإيمان والطاعة، فهذا معناه الإرادة الشرعية.
وهذه الإرادة تتضمن المحبة، فالله يحب الإيمان والمؤمنين، ويحب التوابين ويحب المتطهرين، يريد من عباده الأعمال الصالحة، ويحبها الله، يحب التقوى والتوبة " لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم براحلته … " الحديث.
فهذان فرقان الأول: أن هذه عامة، والإرادة الشرعية خاصة هنا فرق هذا واحد. الفرق الثاني: أن الإرادة الكونية لا يتخلف مُرَادُها يعني: لا بد أن يقع ما أراده الله، فلا بد أن يقع لا بد؛ لأنه تعالى لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ما شاء الله كان، وأما الإرادة الكونية فقد يقع المراد، وقد لا يقع، فليس كل ما أراده الله كونه يعني: شرعا يكون.
فتجتمع الإرادتان في إيمان المؤمن، فإيمان المؤمن مراد لله كونا وشرعا، وتنفرد الإرادة الكونية بكفر الكافر، فكفر الكافر ومعصية العاصي أليست واقعة بمشيئة الله؟ وقع شيء من ذلك قهرا على الله؟ لا، فتستقل به الإرادة الكونية والمشيئة.
وأما الإرادة الشرعية فتنفرد بإيمان الكافر؛ لأنه ما وقع، لكن الله أراده منه وأمره ودعاه إلى الإيمان؛ فهذا مما بينه أهل العلم للفرق بين الإرادتين، الإرادة الكونية والإرادة الشرعية.