أيها الأخوة في الله لعلَّ هذه المقدمة فيها ذكرى، نسأله -تعالى- أن يجعلنا وإياكم ممَّن ينتفع بالذكرى، وأن ينفعنا بكتابه وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- ومعلوم حسب ترتيب البرامج أن لنا في هذا الوقت على قِصَرِه درسين، وإن كان ذهب هذه الليلة قسطٌ من أن لا يتسع للجمع بينهما، فهذان الدرسان أحدهما في أحاديث الأحَكْام، والثاني في العقيدة، وهذان الدرسان مرتبطان بما سبقت الإشارة إليه من أن دين الإسلام والعلم الذي جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام- يشمل أمورًا اعتقادية وأمورًا عملية.
فدرس العقيدة هذا يتصل بمسائل الاعتقاد، ودرس أحاديث الأحْكَام في (عمدة الأحْكَام) يتصل بمسائل الاعتقاد، ودرس أحاديث الأحكام في عمدة الأحكام يتصل بالنواحي العملية، ولعلنا نبدأ.
عقيدة الفرقة الناجية
أصول الإيمان
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله {الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) } [1] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا، أما بعد..
فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة -أهل السنة والجماعة-، وهو الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره"
"الحمد لله" هذه افتتاحية في العقيدة الواسطية من تأليف الإمام الكبير الشهير بعلمه وجهاده وإحيائه للسنن ومحاربته للبدع: الإمام المعروف أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني -رحمه الله-.
يقول في هذا الكتاب الموصوف بالعقيدة الواسطية نسبة إلى من طلب من الشيخ كتابتها، وهو رجل من أهل العلم في نواحي "واسط" بلد معروفة في شمال العراق "واسط"، فعرفت بالعقيدة الواسطية. [1] - سورة الفتح آية: 28.