ولا مشاح في التسمية؛ فالمقصود التمييز، كما أن لشيخ الإسلام مؤلفات كثيرة في مسائل الاعتقاد، بل لعلنا لا نبالغ إذا قلنا: إن معظم مؤلفات شيخ الإسلام في مسائل الاعتقاد.
فقد ألف في مسائل الاعتقاد مؤلفات مطولة ومختصرة، ومعظمها ألفها إجابة للسائلين، فهو كما ذكر عن نفسه: لا يكاد يبتدئ التأليف ابتداء، بل جُل مؤلفاته إجابة لمسائل، وردود على المخالفين، ومن أمتع وأفضل ما ألف في الاعتقاد هذه العقيدة: "العقيدة الواسطية" التي ذكر أنه كتبها وهو قاعد بعد العصر، كتبها في مجلس واحد.
وقد نوظر في شأنها وجودل؛ لأنه قرر فيها اعتقاد أهل السنة والجماعة من السلف الصالح، من الصحابة والتابعين وأئمة الدين، ومن سلك سبيلهم.
وهذا يخالف ما عليه جمهور الناس من العلماء والعامة، فجمهور الناس وكثير من الناس قد دخلت عليهم المذاهب المبتدعة؛ فلذلك ينكرون ويستنكرون ما يخالف ما هم عليه.
وقد أبان -رحمه الله- في المناظرة التي كتبها، وبين أنه إنما يقرر في هذا الاعتقاد ما دل عليه الكتاب والسنة، وما درج عليه أهل القرون المفضلة من الصحابة والتابعين، وأنه في هذه العقيدة يتحرى الألفاظ الشرعية، فارجعوا إلى هذه المناظرة في مجموع الفتاوى، في المجلد الثالث صفحة مائة وستين وما بعدها.
وهذه العقيدة متميزة -كما قلت- على سائر ما ألفه -رحمه الله-؛ فإن كثيرا مما ألفه في مسائل الاعتقاد يشتمل على ذكر شبهات المغترين+، ومناقشتها مناقشة عقلية وشرعية، كما هو ظاهر في "الرسالة التدمرية".
أما العقيدة الواسطية فإنها خالصة، فيها تقرير لمعتقَد أهل السنة والجماعة وبيان أصولهم، مع التبرير على ذلك من القرآن ومن السنة، من غير تعرض لشبهات المخالفين، ومن غير تطويل لمناقشتها؛ فلذلك كانت هذه العقيدة جديرة بالحفظ.
وقد عرض فيها لأكثر المسائل التي وقع فيها الافتراق بين فرق الأمة، أكثر المسائل التي خالف فيها أهل السنة سائر فرق الأمة.