يقول -رحمه الله- في خطبة هذه الرسالة أو هذه العقيدة:
"الحمد لله {الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) } [1] وهذا مقتبس من القرآن؛ فإنه تعالى قال في غير موضع: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ} [2] بل قال في سورة الفتح: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) } [3] .
وتقدم في الليلة الماضية ذكر المراد بالهدى ودين الحق، وأن الهدى هو العلم النافع، ودين الحق هو العمل الصالح، وأن هذا جماع رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) } ([4]) "كفى بالله": كفى به مطلعا على عباده، وأحوالهم الظاهرة والباطنة.
وفي هذا إشارة إلى دليل من أدلة صدق الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فإن الإيمان باطلاعه تعالى على أحوال الخلق يستلزم الإيمان بصدق محمد -عليه الصلاة والسلام- كما قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) } [5] .
فكفى دليلا على صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصدق ما جاء به من القرآن والحكمة، كفى دليلا على ذلك أنه تعالى على كل شيء شهيد {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) } [6] .
"وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا": وهذه كلمة التوحيد المركبة من نفي وإثبات، من نفي إلهية ما سوى الله، وإثبات الإلهية له تعالى وحده. [1] - سورة الفتح آية: 28. [2] - سورة التوبة آية: 33. [3] - سورة الفتح آية: 28. [4] - سورة الفتح آية: 28. [5] - سورة فصلت آية: 53. [6] - سورة الفتح آية: 28.