وليس لقائل أن يقول: إن قوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [1] إن الآية إنما تدل على بقاء الوجه فتحتاج إلى تأويل كما طرح هذا بعض السائلين ولا يتوهم جاهل بدلالات الكلام كل عاقل يعرف أساليب الكلام ولا سيما اللغة العربية يُدرك أن معنى قوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [2] أنها تدل على بقائه -تعالى- وعلى أنه باق ولا تدل بظاهرها أبدًا على أن البقاء لوجهه فقط وأنها ذاته تحتاج إلى تأويل فهو هكذا ساذج لا يحسن فَهْمَ الكلام، والتأويل هو صرف الكلام عن ظاهره إلى معنى آخر وعن احتمال راجح إلى احتمال مرجوح، فنسأل هل هاتان الآيتان تحتاجان إلى تأويل؟ نقول: إن ظاهرهما أنه -سبحانه وتعالى- أن البقاء لوجهه فقط أعوذ بالله من ذلك هل هذا ظاهرهما؟ لا ليس ظاهر الآيتين هذا بل ظاهرهما أنه -سبحانه وتعالى- الباقي {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [3] يفهم كل عاقل يفهم دلالات الكلام أن هاتين الآيتين يفهم منهما أنه -سبحانه وتعالى- الباقي الذي لا يفنى وأن له وجها.
فأفاد الترتيب إثبات البقاء له -تعالى- وإثبات الوجه له -تعالى- ولا يفيد أن البقاء مخصوص أو خاص بالوجه دون ذاته -تعالى- عند فهم الخاطئين الغالطين فدلت الآيتان على أن له وجها قد وصف -سبحانه وتعالى- وجهه بالجلال والإكرام {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ} [4] فوجهه موصوف بالجلال وبالعظمة والكبرياء وبالإكرام ذو الجلال والإكرام فهو -تعالى- الذي يكرم عباده وهو المستحق للإكرام هو المستحق من عباده أن يكرموه بطاعته وتقواه وبتعظيمه وإحلاله ثناءً عليه وتمجيدًا له وتعظيمًا له وتنزيها له عن كل نقص وعيب ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام فوجهه يوصف بذي الجلال والإكرام فهو -تعالى- ذو الجلال والإكرام. [1] - سورة الرحمن آية: 27. [2] - سورة الرحمن آية: 27. [3] - سورة الرحمن آية: 27. [4] - سورة الرحمن آية: 27.