.................................................................................
= أهله، وفي الآية الأخرى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ} [المائدة: 35] ، قالوا: إن الله أمرنا أن نتخذ الوسيلة إليه، والوسيلة معناها: الواسطة، هكذا يحرّفون الكلم عن مواضعه، فالوسيلة المشروعة في القرآن وفي السنة هي: الطاعة التي تقرّب إلى الله، والتوسل إليه بأسمائه وصفاته. هذه هي الوسيلة المشروعة، أما التوسل بالمخلوقين إلى الله فهو وسيلة ممنوعة، ووسيلة شركيّة، وهي التي اتخذها المشركون من قبل: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ} [يونس: 18] ، {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] ، هذه هو شرك الأولين والآخرين سواء بسواء، وإن سموه وسيلة فهو الشرك بعينه، وليس هو الوسيلة التي شرعها الله سبحانه وتعالى، لأن الله لم يجعل الشرك وسيلة إليه أبداً، وإنما الشرك مبْعِد عن الله سبحانه وتعالى: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة: 72] فكيف يُجعل الشرك وسيلة إلى الله –تعالى الله عما يقولون-.
الشاهد من الآية: أن فيها دليلاً على أن هناك من المشركين من يعبد الصالحين، لأن الله بيّن ذلك، وبين أن هؤلاء الذين تعبدونهم هم عِبادٌ فقراء {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ} يعني: يتقربون إليه بالطاعة {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} يتسابقون إلى الله –جل وعلا- بالعبادة لفقرهم إلى الله وحاجتهم {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} ومن كان كذلك فإنه لا يصلح أن يكون إلهاً يُدعى مع الله –عز وجل-.