{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} . وقد صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والإشكال {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} الدلالة، ليس دلالتها واضحة مثل المحكمات. وحكمها:
أولاً: الإيمان بها أنها من عند الله أنزلها على العباد ليؤمنوا بها.
والثاني: أن لا تفسر بما يخالفِ المحكم بل تُرد إلى الأم وهو المحكم وتفسَّر به[1].
{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} يعني ميل ومنه قوله تعالى: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} وزاغت الشمس ومالت، والمراد أن الذين في قلوبهم ميل عن الحق {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} يطلبون المتشابه في الدلالة ويتركون المحكم؛ ويصدفون عن الواضح لكونه يهدم ما هم عليه من الباطل ويفضحهم؛ فالجاهل إذا أدلوا عليه بآية من المتشابه راجت عليه، وهذا يفيد أن أهل الاهتداء والاستقامة يتبَّعون المحكم ويردون المتشابه إلى المحكم، فيقولون: لم عدلت عن هذه الآية وهذه الآية التي لا تحتمل هذا، ولا هذا، وأنهم خلاف أهل الزيغ؛ لأنه [1] قال ابن القيم رحمه الله: قسم الله سبحانه الأدلة السمعية إلى قسمين: محكم، ومتشابه. وجعل المحكم أصلاً للمتشابه وأمَّاًّ له يُردّ إليه، فما خالف ظاهر المحكم فهو متشابه يرد إلى المحكم. وقد اتفق المسلمون على هذا (الصواعق، ص 772) .