مثال ذلك إذا قال بعض المشركين: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} ، أو أن الشفاعة حق، أو أن الأنبياء لهم جاهٌ عند الله، أو ذكر كلاماً للنبي صلى الله عليه وسلم يستدل به على شيء من باطله وأنت لا تفهم معنى الكلام الذي ذكره.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خص أولئك بأتباع المتشابه {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَة[1]ِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ[2] وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [3].
(وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله" عنى الله بقوله {فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} "فاحذروهم" [4] لا يزيغون بكم عن سبيل الحق زاغوا عن الحق. حذَّر منهم لأن مخالطتهم وسماع كلامهم الداءُ العضال ومرض القلوب، ولا يتكل الإنسان على ما معه من الحق؛ بل يبعد عن أهل الزيغ ويجانبهم ولو معه حق؛ فإن السلف كان هذا شأنهم ويستدلون بالحديث. وهذا حكم أهل الباطل؛ أن يبعد عنهم لئلا يدخل القلب شبهة يعسر التخلص منها؛ فإن أخل الباطل لا يألُون جهداً أن تكونوا مثلهم في زيغ القلوب وهم أضر على الناس من أهل المعاصي الشهوانية.
(مثال ذلك) يعني مثل احتجاج المشركين بالمتشابه. وللجواب [1] إرادة اللبس. [2] على أهوائهم الباطلة. [3] والتأويل يُراد به التحريف، ويراد به التفسير، ويراد به علم كيفيات الأمور الغائبة.
فالتحريف باطل، والتفسير يعلمه العلماء، والكيفات الغائبة لا يعلمها إلا الله. [4] أخرجه البخاري (ك 65 ب1) ، ومسلم (2053) .