والإسلام بهذا المعنى محله ظاهر الإنسان وباطنه، لأن الإذعان بالدين والرضى به أمر باطنى، والخضوع لأحكامه أمر ظاهرى، وعلى هذا فالإسلام أعم من الإيمان، والإيمان باطنى فقط، والإسلام ظاهري وباطني.
ونحن نحكم على الناس بالإسلام حين يكونون مذعنين ظاهرا لأحكام الله غير رافضين لها، بمعنى أن أعمالهم وأقوالهم وتصرفاتهم لا تدل على رفضها وعدم الإذعان لها، أما بواطنهم فلا يعلمها إلا الله تعالى الذى لا تخفى عليه خافية، ولذلك فضح الله تعالى أناسا أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر فى قوله تعالى:
«قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ» [الحجرات:14]
ثم قال ملخصا:
" وحسبما فهمت من معنى الإيمان والإسلام ندرك أن بين الإيمان والإسلام - حسب الحقيقة الشرعية المنجية - تلازما مقتضاه أن كل مؤمن مسلم، وكل مسلم مؤمن، لأن المصدق التصديق المذكور للرسول صلى الله عليه وسلم لا بد من أن يكون خاضعا لما جاء به عليه السلام، والخاضع هذا الخضوع لا بد من أن يكون مصدقا هذا التصديق "
" ولذلك ذكر الإيمان والإسلام فى القران بمعنى واحد فى قوله تعالى:
«فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (*) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» [الذارات: 35 - 36] .
ثم قال المؤلف بعنوان:
حكم النطق بالشهادتين:
" الشهادتين هما: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله)
والنطق بهما شرط إجراء الأحكام الدنيوية على المسلم: مثل تزويجه المسلمة، والصلاة خلفه، والصلاة عليه إذا مات ودفنه فى مقابر المسلمين، فإذا لم ينطق لعذر كالخرس، أو لم يتمكن من النطق بهما بأن مات عقب إيمانه بقلبه فهو ناج عند الله تعالى.