أما إذا استطاع النطق ووجد وقتا ولم ينطق بالشهادتين، فإن كان عدم النطق عنادا فهو كفر ولا عبرة بالتصديق القلبى، أما إذا كان عدم النطق لخوفه من الهلاك فالإيمان صحيح لقوله تعالى: «إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ» [النحل 106] .
أما من لم ينطق بالشهادتين لغير سبب من الأسباب، لكنه مصدق بقلبه ومطمئن إلى دين الله وأحكامه، فالقول الراجح أنه ناج عند الله، وإن كان لا يعامل معاملة المسلمين لعدم العلم بإيمانه وعدم الدليل عليه، وهذا كله فيمن يريد الدخول في الإسلام، أما أولاد المؤمنين فهم مؤمنون، وإن لم يحصل منهم نطق بالشهادتين إلا إذا ظهر منهم ما يتنافى مع الإيمان " [1] .
ويقول مؤلف معاصر أخر:
" فالإسلام إذن: استسلام بالكيان الظاهرى للإنسان يتوقف عليه جريان أحكام الإسلام فى الدنيا: من إحراز للدم وحل للمناكحة وشرعية التوارث.
أما الإيمان: فهو التصديق القلبى بكل ذلك، بحيث لا يبقى أى شك فى النفس يتعلق بشىء مما ذكرناه من حقائق الإسلام، ويتوقف عليه النجاة يوم القيامة بين يدى الله عز وجل.
ويتضح من ذلك أن الإنسان لا تجرى عليه أحكام الإسلام فى كل من الدنيا والآخرة معا إلا إذا اتصف بكل من الإسلام والإيمان، وذلك بأن يذعن بقلبه ويعترف بلسانه. ومهما نطق الإنسان بالشهادتين فإن ذلك لا يعنيه فى الحقيقة شيئا ما لم يصدق ويذعن بذلك فى قرارة قلبه، وإنما تجرى أحكام الدنيا على الظاهر فقط لعدم إمكان اطلاعنا على الباطن، وحملا للسان على محمل الصدق فى الكلام.
إلا أنه وقع الخلاف بين الأمة إذا كان الرجل مؤمنا بقلبه فقط، هل ينجيه ذلك يوم القيامة أم يكتفى منه بذلك حتى يقر ويعترف بلسانه أيضا.
نقل النووي عن جمع من العلماء أن اليقين القلبى وحده لا يكفى للنجاة يوم القيامة إذا كان بالإمكان الإقرار والتلفظ باللسان. [1] تبسيط العقائد الإسلامية، الشيخ حسن أيوب ص 29- 33