(يعنى الأركان) ففي تكفير تاركها نزاع مشهور" [1] ، وقد سبق إيراد كلام الإمام سفيان بن عيينة فى هذا التفريق.
2- أن العبارة نفسها لا تدل على مرادهم بإطلاق فإن فيها التقيد بكلمة "أهل القبلة" ومعلوم أن من ترك الصلاة التي هى رأس العمل الظاهر بل من كفر بأى مكفر كان لا يسمى عندهم من أهل القبلة.
3- أن العبارة فيها إطلاق تنبه أهل السنة له وإن اشتبه الأمر على بعضهم ولهذا تكلموا فى تقييدها بما يدفع اللبس ويزيل الإشكال مثل أن تصبح "ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بكل ذنب ما لم يستحله" وفى نظرى أن قولنا: ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بعمل دون الكفر ما لم يستحله" أوضح فى المراد - وإن كانت تلك أجود فى العبارة - كما أن هذه تزيل الإشكال الناشئ من كون الذنوب الاعتقادية قد تدخل فى الصيغة الأولى وهى لا يقال: يكفر صاحبها بالاستحلال بل يقال: يكفر بالرد والإنكار، فتأمل [2] .
4- أن أهل السنة والجماعة متبعون لنصوص الشرع فى كل شئ فما جعله الشرع كفرا بإطلاق فهو عندهم كفر بإطلاق - كمن ترك الصلاة أو تعاطى السحر أو حكم بشرع غير ما أنزل الله - وسموا فاعله كافرا بإطلاق وما جعله من جنس المعصية لكن سماه كفراً سموه كفرا كذلك ولم يكفروا فاعله بل جعلوه مرتكبا لعمل من أعمال الكفر وشعبه من شعبه، كقتال المسلم الوارد فى الحديث: " ... وقالته كفر" وحديث: "لا ترجعوا بعدى كفارا" يضرب بعضكم رقاب بعضا" وما جاء فى حديث: "ثنتان فى أمتى هما كفر: الطعن فى النسب، والنياحة على الميت"، وبين هذا وما قبله فوارق من القرائن اللفظية والمعنوية يعلمها علماؤهم [3] . [1] مجموع الفتاوى (7/302) ، وهذا النزاع حسمه فى الإيمان الأوسط كما سبق النقل عنه. [2] وقد فصلنا ذلك فى شرح هذه العبارة ضمن شرحنا لشرح العقيدة الطحاوية نسأل الله أن ييسر إخراجه، انظر شرح الطحاوية، ص434. [3] من ذلك أن الأول جاء فى الكفر بصيغة المعرف بالألف واللام مثل "بين العبد وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة" أو بصيغة الفعل الماضى مثل "فمن تركها فقد كفر"، أما هذا فجاء نكرة مطلقة كما فى الحديث الأول أو مقيدة بما لا يجعلها من جنس الكفر المطلق كما فى الحديث الثانى، وإلا فلو سكت لعلمنا أنه يحذر من الردة عن الإسلام، ونحو ذلك مما يطول تفصيله ويزول الإشكال إذا جمعت النصوص كلها فى الموضوع وقد فصلنا ذلك بحمد الله فى شرح الطحاوية.