في كل الأمور وبهذه الصفات الطيبة كانوا أصفى خلق الله وخيرتهم بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وأما قوله عز وجل: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} ففيها أيضاً: ثناء جميل وإكرام عظيم للذين استجابوا لله وللرسول من بعد ما أصابهم القرح فقد أكرمهم الله بأن رجعوا سالمين من حمراء الأسد فلم يلقوا عدواً بحيث كفاهم الله ما أهمهم ورد عنهم بأس الذين كفروا بقذف الخوف والرعب في قلوبهم، ثم أثنى عليهم باتباعهم رضوان الله الذي هو مناط كل خير وسعادة في الدنيا والآخرة فاتبعوا أمر الله وابتعدوا عن نهيه واتبعوا رسوله حين ندبهم للخروج ولذلك تفضل الله عليهم بالتوفيق والسداد فيما فعلوا وظفروا بالأجر العظيم والثواب الجزيل لاتباعهم ما يرضي الله ورسوله1.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: قال تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} أي: لما توكلوا على الله كفاهم ما أهمهم ورد عليهم بأس من أراد كيدهم فرجعوا إلى بلدهم {بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} مما أضمر لهم عدوهم"2.
5- أثنى الله تبارك وتعالى ثناء حسناً على الشهداء والذين لحقوا بالرفيق الأعلى يوم أحد وهم مقاتلون في سبيل الله تعالى وفاء منهم بصدق ما عاهدوا الله تعالى عليه وقد جاء الثناء عليهم بالذكر الحسن في أربع آيات من الكتاب العزيز قال تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مَنْ
1ـ انظر: جامع البيان للطبري 4/183، وانظر تفسير البغوي على حاشية الخازن 1/380، وانظر: دلائل النبوة للبيهقي 3/318، وفتح القدير للشوكاني 1/400، تفسير روح المعاني 4/129.
2ـ تفسير القرآن العظيم 2/163.