المؤمنين الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم وختم الله هذه الآية بالإخبار بأنه ـ تعالى ـ كما لا يضيع أجر المجاهدين والشهداء كذلك لا يضيع أجر المؤمنين.
قال العلامة ابن جرير الطبري: "يقول: ـ جل ثناؤه ـ: {يَسْتَبْشِرُونَ} يفرحون {بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} يعني: بما حباهم به تعالى ذكره من عظيم كراماته عند ورودهم عليه {وَفَضْلٍ} يقول: وبما أسبغ عليهم من الفضل وجزيل الثواب على ما سلف منهم من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وجهاد أعدائه.... ومعنى قوله: {لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} لا يبطل جزاء أعمال من صدق رسوله واتبعه وعمل بما جاءه من عند الله ... ثم روى بإسناده إلى محمد بن إسحاق في قوله: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ} الآية قال: سروا ـ لما عاينوا أن وفاء الموعود وعظيم الثواب1.
فالآية اشتملت على التنويه باستبشار شهداء أحد بمغفرة الله تعالى لهم وفضله عليهم حين قدموا على ربهم ـ تبارك وتعالى ـ.
وأما قوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} هذه الآية هي الآية الرابعة التي سيقت في الثناء على شهداء أحد فقد بين ـ تعالى ـ فيها أن من الصحابة الذين حضروا غزوة أحد رجالا قاموا بما عاهدوا الله تعالى عليه ووفوا بما نذروا به فصبروا على الجهاد حتى استشهدوا في سبيل الله ـ تعالى ـ من أجل إعلاء كلمة الله ونصرة دينه ومنهم من بقي بعد أولئك الشهداء وهم ينتظرون أحد الأمرين إما الشهادة أو النصرة وكانوا على عهدهم فلم يغيروه، أو يبدلوه رضي الله عنهم حتى لقوا ربهم ـ تبارك وتعالى ـ ورضي الله عنهم أجمعين.
قال العلامة ابن جرير الطبري: "يقول تعالى ذكره {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} بالله
1ـ جامع البيان 4/175-176، تفسير القرآن العظيم 2/157، وانظر في معنى الآية أيضاً: الجامع لأحكام القرآن 4/275، فتح القدير للشوكاني 1/399.